فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

ثم كرّر التهديد لهم ، فقال : { وَلَوْ نَشَاء لمسخناهم على مكانتهم } المسخ : تبديل الخلقة إلى حجر ، أو غيره من الجماد أو بهيمة ، والمكانة : المكان ، أي : لو شئنا لبدّلنا خلقهم على المكان الذي هم فيه . قيل : والمكانة أخص من المكان كالمقامة والمقام . قال الحسن أي لأقعدناهم { فَمَا استطاعوا مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ } أي لا يقدرون على ذهاب ولا مجيء . قال الحسن : فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم ؛ ولا يرجعوا وراءهم ، وكذلك الجماد لا يتقدّم ولا يتأخر . وقيل : المعنى لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم ، وقيل : لمسخناهم في المكان الذي فعلوا فيه المعصية . وقال يحيى بن سلام : هذا كله يوم القيامة . قرأ الجمهور { على مكانتهم } بالإفراد . وقرأ الحسن ، والسلمي ، وزرّ بن حبيش ، وأبو بكر عن عاصم " مكاناتهم " بالجمع . وقرأ الجمهور { مضياً } بضم الميم ، وقرأ أبو حيوة " مضيا " ً بفتحها ، وروي عنه : أنه قرأ بكسرها ، ورويت هذه القراءة عن الكسائي . قيل والمعنى : ولا يستطيعون رجوعاً ، فوضع الفعل موضع المصدر لمراعاة الفاصلة ، يقال : مضى يمضي مضياً : إذا ذهب في الأرض ، ورجع يرجع رجوعاً : إذا عاد من حيث جاء .

/خ70