الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَمَسَخۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ مَكَانَتِهِمۡ فَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ مُضِيّٗا وَلَا يَرۡجِعُونَ} (67)

قوله تعالى : " ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون " المسخ : تبديل الخلقة وقلبها حجرا أو جمادا أو بهيمة . قال الحسن : أي لأقعدناهم فلا يستطيعون أن يمضوا أمامهم ولا يرجعوا وراءهم . وكذلك الجماد لا يتقدم ولا يتأخر . وقد يكون المسخ تبديل صورة الإنسان بهيمة ، ثم تلك البهيمة لا تعقل موضعا تقصده فتتحير ، فلا تقبل ولا تدبر . ابن عباس رضي الله عنه : المعنى لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم . وقيل : المعنى لو نشاء لمسخناهم في المكان الذي اجترؤوا فيه على المعصية . ابن سلام : هذا كله يوم القيامة يطمس الله تعالى أعينهم على الصراط . وقرأ الحسن والسلمي وزر بن حبيش وعاصم في رواية أبي بكر : " مكاناتهم " على الجمع . الباقون بالتوحيد . وقرأ أبو حيوة : " فما استطاعوا مضيا " بفتح الميم . والمضي بضم الميم مصدر يمضى مضيا إذا ذهب .