معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

قوله تعالى : { فعميت } خفيت واشتبهت ، { عليهم الأنباء } أي : الأخبار والأعذار ، قال مجاهد : الحجج ، { يومئذ } فلا يكون لهم عذر ولا حجة ، { فهم لا يتساءلون } لا يجيبون ، وقال قتادة : لا يحتجون ، وقيل : يسكتون لا يسأل بعضهم بعضاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

{ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ } أي : لم يحيروا عن هذا السؤال جوابا ، ولم يهتدوا إلى الصواب .

ومن المعلوم أنه لا ينجى في هذا الموضع إلا التصريح بالجواب الصحيح ، المطابق لأحوالهم ، من أننا أجبناهم بالإيمان والانقياد ، ولكن لما علموا تكذيبهم لهم وعنادهم لأمرهم ، لم ينطقوا بشيء ، ولا يمكن أن يتساءلوا ويتراجعوا بينهم في ماذا يجيبون به ، ولو كان كذبا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

{ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنبآء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } .

أى : فخفيت عليهم الحجج التى يجيبون بها على هذه الأسئلة ، وصاروا لفرط دهشتهم وذهولهم عاجزين عن أن يسأل بعضهم بعضا عن الإجابة .

وعدى { فَعَمِيَتْ } بعلى ، لتضمنه معنى الخفاء قال - سبحانه - { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنبآء } ولم يقل : فعموا عن الأنباء ، للمبالغة فى بيان ذهولهم وصمتهم المطبق فى ذلك اليوم العسير ، حتى لكأنما الأنباء والأخبار عمياء لا تصل إليهم ، ولا تعرف شيئا عنهم .

والتعبير بقوله - سبحانه - { فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } يشعر بزيادة حيرتهم وفرط دهشتهم فهم جميعا قد صاروا فى حالة من الإبلاس والحيرة ، جعلتهم يتساوون فى العجز والجهل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

44

( فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون ) .

والتعبير يلقي ظل العمى على المشهد والحركة . وكأنما الأنباء عمياء لا تصل إليهم ، وهم لا يعلمون شيئا عن أي شيء ! ولا يملكون سؤالا ولا جوابا . وهم في ذهولهم صامتون ساكتون !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

{ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ } وقال مجاهد : فعميت عليهم الحجج ، فهم لا يتساءلون بالأنساب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ * فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنبَآءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ويوم ينادي الله هؤلاء المشركين ، فيقول لهم ماذَا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ فيما أرسلناهم به إليكم ، من دعائكم إلى توحيدنا ، والبراءة من الأوثان والأصنام فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ يَوْمَئِذٍ يقول : فخفيت عليهم الأخبار ، من قولهم : قد عَمِي عني خبر القوم : إذا خفي . وإنما عُنِي بذلك أنهم عميت عليهم الحجة ، فلم يدرُوا ما يحتجون ، لأن الله تعالى قد كان أبلغ إليهم في المعذرة ، وتابع عليهم الحجة ، فلم تكن لهم حجة يحتجون بها ، ولا خبر يُخْبرون به ، مما تكون لهم به نجاة ومَخْلَص . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ قال : الحجج ، يعني الحجة .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنْباءُ قال : الحجج .

قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، في قوله وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذَا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ قال : بلا إله إلاّ الله ، التوحيد .

وقوله : فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ بالأنساب والقرابة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فهُمْ لا يَتَساءَلُونَ قال : لا يتساءلون بالأنساب ، ولا يتماتّون بالقرابات ، إنهم كانوا في الدنيا إذا التقوا تساءلوا وتماتّوا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد فَهُمْ لا يتَساءَلونَ قال : بالأنساب . وقيل معنى ذلك : فعَمِيت عليهم الحجج يومئذٍ ، فسكتوا ، فهم لا يتساءلون في حال سكوتهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

أي أظلمت لهم الأمور فلم يجدوا خبراً يخبرون به مما لهم فيه نجاة ، وساق الفعل في صيغة المضي لتحقق وقوعه وأنه يقين ، والماضي من الأفعال متيقن فلذلك توضع صيغته بدل المستقبل المتقين وقوعه وصحته ، و «عميت » معناه أظلمت جهاتها وقرأ الأعمش «فعُمّيت » بضم العين وشد الميم ، وروي في بعض الحديث : كان الله في عماء{[9161]} ، وذلك قبل أن يخلق الأنوار وسائر المخلوقات ، و { الأنباء } جمع نبأ ، وقوله تعالى { فهم لا يتساءلون } معناه فيما قال مجاهد وغيره بالأرحام والمتاب الذي عرفه في الدنيا أن يتساءل به لأنهم قد أيقنوا أن كلهم لا حيلة له ولا مكانة .

ويحتمل أن يريد أنهم لا يتساءلون عن الأنباء ليقين جميعهم أنه لا حجة لهم .


[9161]:أخرجه الترمذي في تفسير سورة هود، وابن ماجه في المقدمة، وأحمد في المسند (4-11، 12) ولفظه كما في المسند: عن أبي رزين قال: قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ قال: (كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَعَمِيَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَنۢبَآءُ يَوۡمَئِذٖ فَهُمۡ لَا يَتَسَآءَلُونَ} (66)

وو{ الأنباء } : جمع نبأ ، وهو الخبر عن أمر مهم ، والمراد به هنا الجواب عن سؤال { ماذا أجبتم المرسلين } لأن ذلك الجواب إخبار عما وقع منهم مع رسلهم في الدنيا .

المعنى : عميت الأنباء على جميع المسؤولين فسكتوا كلهم ولم ينتدب زعماؤهم للجواب كفعلهم في تلقي السؤال السابق : { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] .

ومعنى { عميت } خفيت عليهم وهو مأخوذ من عمى البصر لأنه يجعل صاحبه لا يتبين الأشياء ، فتصرفت من العمى معان كثيرة متشابهة يبينها تعدية الفعل كما عدي هنا بحرف ( على ) المناسب للخفاء . ويقال : عمي عليه الطريق . إذا لم يعرف ما يوصل منه ، قال عبد الله بن رواحة :

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقنات أن ما قال واقع

والمعنى : خفيت عليهم الأنباء ولم يهتدوا إلى جواب وذلك من الحيرة والوهل فإنهم لما نودوا { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } [ القصص : 62 ] انبرى رؤساؤهم فلفقوا جواباً عدلوا به عن جادة الاستفهام إلى إنكار أن يكونوا هم الذين سنوا لقومهم عبادة الأصنام ، فلما سئلوا عن جواب دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم عيوا عن الجواب فلم يجدوا مغالطة لأنهم لم يكونوا مسبوقين من سلفهم بتكذيب الرسول فإن الرسول بعث إليهم أنفسهم .

ولهذا تفرع على ( عميت عليهم الأنباء ) قوله { فهم لا يتساءلون } أي لا يسأل بعضهم بعضاً لاستخراج الآراء وذلك من شدة البهت والبغت على الجميع أنهم لا متنصل لهم من هذا السؤال فوجموا .

وإذ كان الاستفهام لتمهيد أنهم محقوقون بالعذاب علم من عجزهم عن الجواب عنه أنهم قد حق عليهم العذاب .