معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا} (3)

قوله تعالى : { وينصرك الله نصراً عزيزاً } غالباً . وقيل : معزاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا} (3)

{ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا } أي : قويا لا يتضعضع فيه الإسلام ، بل يحصل الانتصار التام ، وقمع الكافرين ، وذلهم ونقصهم ، مع توفر قوى المسلمين ونموهم ، ونمو أموالهم .

ثم ذكر آثار هذا الفتح على المؤمنين فقال :

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا} (3)

{ وَيَنصُرَكَ الله } - تعالى - { نَصْراً عَزِيزاً } أى : نصرا قويا منيعا لا يغلبه غالب ، ولا يدفعه دافع ، لأنه من خالفك الذى لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه . .

هذا ، والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة ، يرى أن الله - تعالى - قد أكرم نبيه - صلى الله عليه وسلم - إكراما لا يدانيه إكرام ، ومنحه من الخير والفضل ما لم يمنحه لأحد سواه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا} (3)

( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، ويتم نعمته عليك ، ويهديك صراطا مستقيما ، وينصرك الله نصرا عزيزا ) . .

تفتتح السورة بهذا الفيض الإلهي على رسوله [ صلى الله عليه وسلم ] : فتح مبين . ومغفرة شاملة . ونعمة تامة . وهداية ثابتة . ونصر عزيز . . إنها جزاء الطمأنينة التامة لإلهام الله وتوجيهه . والاستسلام الراضي لإيحائه وإشارته . والتجرد المطلق من كل إرادة ذاتية . والثقة العميقة بالرعاية الحانية . . يرى الرؤيا فيتحرك بوحيها . وتبرك الناقة ، ويتصايح الناس : خلأت القصواء . فيقول . " ما خلأت . وما هو لها بخلق . ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة . لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلى أعطيتهم إياها " . . ويسأله عمر بن الخطاب في حمية : فلم نعطي الدنية في ديننا ? فيجيبه : " أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني " . . ذلك وحين يشاع أن عثمان قتل يقول [ صلى الله عليه وسلم ] : " لا نبرح حتى نناجز القوم " . . ويدعو الناس إلى البيعة ، فتكون بيعة الرضوان التي فاض منها الخير على الذين فازوا بها وسعدوا .

وكان هذا هو الفتح ؛ إلى جانب الفتح الآخر الذي تمثل في صلح الحديبية ، وما أعقبه من فتوح شتى في صور متعددة :

كان فتحا في الدعوة . يقول الزهري : فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه . إنما كان القتال حيث التقى الناس . فلما كانت الهدنة ، ووضعت الحرب ، وأمن الناس بعضهم بعضا ، والتقوا ، فتفاوضوا في الحديث والمنازعة ، ولم يكلم أحد في الإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه . ولقد دخل في تينك السنتين " بين صلح الحديبية وفتح مكة " مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر .

قال ابن هشام : والدليل على قول الزهري أن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] خرج إلى الحديبية في ألف وأربع مائة في قول جابر بن عبد الله . ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف .

وكان ممن أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص .

وكان فتحا في الأرض . فقد أمن المسلمون شر قريش ، فاتجه رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى تخليص الجزيرة من بقايا الخطر اليهودي - بعد التخلص من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة - وكان هذا الخطر يتمثل في حصون خيبر القوية التي تهدد طريق الشام . وقد فتحها الله على المسلمين ، وغنموا منها غنائم ضخمة ، جعلها الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فيمن حضر الحديبية دون سواهم .

وكان فتحا في الموقف بين المسلمين في المدينة وقريش في مكة وسائر المشركين حولها . يقول الأستاذ محمد عزة دروزة بحق في كتابه : [ سيرة الرسول . صور مقتبسة من القرآن الكريم ] :

" ولا ريب في أن هذا الصلح الذي سماه القرآن بالفتح العظيم يستحق هذا الوصف كل الاستحقاق . بل إنه ليصح أن يعد من الأحداث الحاسمة العظمى في السيرة النبوية ، وفي تاريخ الإسلام وقوته وتوطده ، أو بالأحرى من أعظمها . فقد اعترفت قريش بالنبي والإسلام وقوتهما وكيانهما ، واعتبرت النبي والمسلمين أندادا لها ، بل دفعتهم عنها بالتي هي أحسن ، في حين أنها غزت المدينة في سنتين مرتين ، وكانت الغزوة الأخيرة قبل سنة من هذه الزيارة وبحشد عظيم مؤلف منها ومن أحزابها لتستأصل شأفتهم ، وبعثت هذه الغزوة في نفوس المسلمين أشد الاضطراب والهلع لضعفهم وقلتهم إزاء الغزاة . ولهذا شأن عظيم في نفوس العرب ، الذين كانوا يرون في قريش الإمام والقدوة ، والذين كانوا متأثرين بموقفهم الجحودي كل التأثر . وإذا لوحظ أن الأعراب كانوا يقدرون أن النبي والمسلمين لن يعودوا سالمين من هذه الرحلة ، وأن المنافقين كانوا يظنون أسوأ الظنون . بدت لنا ناحية من نواحي خطورة هذا الفتح وبعد مداه .

" ولقد أثبتت الأحداث صدق إلهام النبي [ صلى الله عليه وسلم ] فيما فعل ، وأيده فيه القرآن ، وأظهرت عظم الفوائد المادية والمعنوية والسياسية والحربية والدينية التي عادت على المسلمين منه . إذ قووا في عيون القبائل ، وبادر المتخلفون من الأعراب إلى الاعتذار ، وازداد صوت المنافقين في المدينة خفوتا وشأنهم ضآلة ، وإذ صار العرب يفدون على النبي[ صلى الله عليه وسلم ] من أنحاء قاصية ، وإذ تمكن من خضد شوكة اليهود في خيبر وغيرها من قراهم المتناثرة على طريق الشام ، وإذ صار يستطيع أن يبعث بسراياه إلى أنحاء قاصية كنجد واليمن والبلقاء ، وإذ استطاع بعد سنتين أن يغزو مكة ويفتحها ، وكان في ذلك النهاية الحاسمة ، إذ جاء نصر الله والفتح ، ودخل الناس في دين الله أفواجا " . .

ونحن نعود فنؤكد أنه كان هناك - إلى جانب هذا كله - فتح آخر . فتح في النفوس والقلوب ، تصوره بيعة الرضوان ، التي رضي عنها الله وعن أصحابها ذلك الرضى الذي وصفه القرآن . ورسم لهم على ضوئه تلك الصورة الوضيئة الكريمة في نهاية السورة : محمد رسول الله . والذين معه . . . الخ . فهذا فتح في تاريخ الدعوات له حسابه ، وله دلالته ، وله آثاره بعد ذلك في التاريخ .

ولقد فرح رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بهذه السورة . فرح قلبه الكبير بهذا الفيض الرباني عليه وعلى المؤمنين معه . فرح بالفتح المبين . وفرح بالمغفرة الشاملة ، وفرح بالنعمة التامة ، وفرح بالهداية إلى صراط الله المستقيم . وفرح بالنصر العزيز الكريم . وفرح برضى الله عن المؤمنين ووصفهم ذلك الوصف الجميل . وقال - في رواية - : " نزل علي البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها " . . وفي رواية : " لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " . . وفاضت نفسه الطيبة بالشكر لربه على ما أولاه من نعمته . فاضت بالشكر في صورة صلاة طويلة مديدة ، تقول عنها عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذا صلى قام حتى تنفر رجلاه ، فقالت له عائشة - رضي الله عنها - يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ? فقال [ صلى الله عليه وسلم ] : " يا عائشة ، أفلا أكون عبدا شكورا ? " . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا} (3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 2]

"وَيَنْصُرَكَ اللّهُ نَصْرا عَزِيزا" يقول: وينصرك على سائر أعدائك، ومن ناوأك نصرا، لا يغلبه غالب، ولا يدفعه دافع، للبأس الذي يؤيدك الله به، وبالظفر الذي يمدّك به.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{وينصرك الله نصرا عزيزا} يحتمل أن ينصرك نصرا عزيزا بالغلبة عليهم والقهر والظّفر لا صُلحًا ولا مُواعدةً. وعلى ذلك يخرّج قول أهل التأويل: {نصرا عزيزا} لا يُستذلّ، ولا يُسترذلُ. وظاهر الآية ليس على ذلك لأنه، قاله على إثر قوله: {ليغفر لك الله} لأن الخيرات والحسنات تكون سببا للمغفرة...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"وينصرك الله نصرا عزيزا" فالنصر العزيز هو الذي يمنع من كل جبار عنيد وعات أثيم. وقد فعل الله تعالى ذلك بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) فصار دينه أعز الأديان وسلطانه أعظم السلطان...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} أي: بسبب خضوعك لأمر الله يرفعك الله وينصرك على أعدائك...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وينصرك الله} بنصرهم على ملوك الأمم وجلائهم لسائر العجم، نصراً يليق إسناده إلى اسمه المحيط بسائر العظم {نصراً عزيزاً} أي يغلب المنصور به كل من ناواه ولا يغلبه شيء مع دوامه فلا ذل- بعده لأن الأمة التي تنصف به لا يظهر عليها أحد، والدين الذي قضاه لأجله لا ينسخه شيء.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وإنما أظهر اسم الجلالة في قوله: {وينصرك الله} ولم يكتف بالضمير اهتماماً بهذا النصر وتشريفاً له بإسناده إلى الاسم الظاهر لصراحة الظاهر والصراحة أدعى إلى السمع، والكلام مع الإظهار أعلق بالذهن كما تقدم في {ليغفر لك الله}.