تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا} (3)

{ وينصرك الله } يقول : ولكن ينصرك الله بالإسلام على عدوك { نصرا عزيزا } آية يعني منيعا فلا تذل الذي قضى الله له : المغفرة والغنيمة والإسلام والنصر فنسخت هذه الآية ، قوله :{ وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } [ الأحقاف :9 ] فأخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بما يفعل به ، فنزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما سمع عبد الله بن أبي رأس المنافقين بنزول هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الله قد غفر له ذنبه ، وأنه يفتح له على عدوه ، ويهديه صراطا مستقيما ، وينصره نصرا عزيزا ، قال لأصحابه : يزعم محمد أن الله قد غفر له ذنبه ، وينصره على عدوه ، هيهات هيهات لقد بقي له من العدو أكثر وأكثر فأين فارس والروم ، وهم أكثر عدوا وأشد بأسا وأعز عزيزا ؟ ولن يظهر عليهم محمد ، أيظن محمد أنهم مثل هذه العصابة التي قد نزل بين أظهرهم ، وقد غلبهم بكذبه وأباطليه ، وقد جعل لنفسه مخرجا ، ولا علم له بما يفعل به ، ولا بمن تبعه ، إن هذا لهو الخلاف المبين .

فخرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ، فقال :" لقد نزلت علي آية لهي أحب إلي مما بين السماء والأرض" ، فقرأ عليهم :{ إن فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك } إلى آخر الآية ، فقال أصحابه : هنيئا مريئا ، يا رسول الله ، قد علمنا الآن ما لك عند الله ، وما يفعل بك ، فما لنا عند الله ، وما يفعل بنا ، فنزلت في سورة الأحزاب :{ وبشر المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } [ الأحزاب :47 ] .