معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَءَاخَرُ مِن شَكۡلِهِۦٓ أَزۡوَٰجٌ} (58)

قوله تعالى : { وآخر } قرأ أهل البصرة : ( وأخر ) بضم الألف على جمع أخرى ، مثل : الكبرى والكبر ، واختاره أبو عبيدة لأنه نعته بالجمع ، فقال : أزواج ، وقرأ الآخرون بفتح الهمزة مشبعة على الواحد ، { من شكله } مثله أي : مثل الحميم والغساق ، { أزواج } أي : أصناف أخر من العذاب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَءَاخَرُ مِن شَكۡلِهِۦٓ أَزۡوَٰجٌ} (58)

{ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ } أي : من نوعه { أَزْوَاجٌ } أي : عدة أصناف من أصناف العذاب ، يعذبون بها ويخزون بها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَءَاخَرُ مِن شَكۡلِهِۦٓ أَزۡوَٰجٌ} (58)

{ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } أى : ليس عذابهم مقصوراً على الحميم والغساق بل لهم أنواع أخرى من العذاب ، تشبه فى شكلها وفى فظاعتها وفى شدتها ، الحميم والغساق .

فقوله { وآخر } مبتدأ ، وقوله { مِن شَكْلِهِ } صفته ، وقوله : { أَزْوَاجٌ } خبره . والآية الكريمة معطوفة على الآية التى قبلها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَءَاخَرُ مِن شَكۡلِهِۦٓ أَزۡوَٰجٌ} (58)

وقوله : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ على التوحيد ، بمعنى : هذا حميم وغساق فليذوقوه ، وعذاب آخر من نحو الحميم ألوان وأنواع ، كما يقال : لك عذاب من فلان : ضروب وأنواع وقد يحتمل أن يكون مرادا بالأزواج الخبر عن الحميم والغسّاق ، وآخر من شكله ، وذلك ثلاثة ، فقيل أزواج ، يراد أن ينعت بالأزواج تلك الأشياء الثلاثة . وقرأ ذلك بعضُ المكيين وبعض البصريين : «وأُخَرُ » على الجماع ، وكأن من قرأ ذلك كذلك كان عنده لا يصلح أن يكون الأزواج وهي جمع نعتا لواحد ، فلذلك جمع أخَر ، لتكون الأزواج نَعْتا لها والعرب لا تمنع أن ينعَت الاسم إذا كان فعلاً بالكثير والقليل والاثنين كما بيّنا ، فتقول : عذاب فلان أنواع ، ونوعان مختلفان .

وأعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها : وآخَرُ على التوحيد ، وإن كانت الأخرى صحيحة لاستفاضة القراءة بها في قرّاء الأمصار وإنما اخترنا التوحيد لأنه أصحّ مخرجا في العربية ، وأنه في التفسير بمعنى التوحيد . وقيل إنه الزّمهرير . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، عن مُرّة ، عن عبد الله : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) : قال الزمهرير .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن السديّ ، عن مرة ، عن عبد الله ، بمثله .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا معاوية ، عن سفيان ، عن السديّ ، عمن أخبره عن عبد الله بمثله ، إلا أنه قال : عذاب الزمهرير .

حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، عن مرّة الهمداني ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : هو الزمهرير .

حُدثت عن يحيى بن أبي زائدة ، عن مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : ذكر الله العذاب ، فذكر السلاسل والأغلال ، وما يكون في الدنيا ، ثم قال : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) : قال : وآخر لم ير في الدنيا .

وأما قوله : ( مِنْ شَكْلِهِ ) فإن معناه : من ضربه ، ونحوه يقول الرجل للرجل : ما أنت من شكلي ، بمعنى : ما أنت من ضربي بفتح الشين . وأما الشّكْل فإنه من المرأة ما عَلّقَتْ مما تتحسن به ، وهو الدّلّ أيضا منها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) : يقول : من نحوه .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) : من نحوه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) : قال : من كلّ شَكْلِ ذلك العذاب الذي سمّى الله ، أزواج لم يسمها الله ، قال : والشّكل : الشبيه .

وقوله : ( أزْوَاجٌ ) : يعني : ألوان وأنواع . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أزْوَاجٌ ) : قال : ألوان من العذاب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( أزْوَاجٌ ) : زوج زوج من العذاب .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( أزْوَاجٌ ) : قال : أزواج من العذاب في النار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَءَاخَرُ مِن شَكۡلِهِۦٓ أَزۡوَٰجٌ} (58)

وقوله : { وءَاخَرُ } صفة لموصوف محذوف دلت عليه الإِشارة بقوله : { هذا } وضمير { فليذوقوه } ووصفُ آخر يدل على مغاير . وقوله : { مِن شَكلِهِ } يدل على أنه مغاير له بالذات وموافق في النوع ، فحصل من ذلك أنه عذاب آخر أو مذوق آخر .

والشَّكل بفتح الشين : المثل ، أي المماثل في النوع ، أي وعذاب آخر غير ذلك الذي ذاقوه من الحميم والغساق هو مثل ذلك المشار إليه أو مثل ذلك الذوق في التعذيب والألم . وأفرد ضمير { شَكلهِ } مع أن معاده { حَميمٌ وغسَّاقٌ } نظراً إلى إفراد اسم الإِشارة ، أو إلى إفراد ( مذوق ) المأخوذ من ( يذوقوه ) ، فقوله : { مِن شكلهِ } صفة ل { آخر .

والأزواج : جمع زوج بمعنى النوع والجنس ، وقد تقدم عند قوله : { ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين } في سورة [ الرعد : 3 ] .

والمعنى : وعذاب آخر هو أزواج أصناف كثيرة . ولما كان اسماً شائعاً في كل مغاير صحّ وصفه ب { أزواج } بصيغة الجمع .

وقرأ الجمهور : { وءَاخَرُ } بصيغة الإِفراد . وقرأه أبو عمرو ويعقوب { وأُخَر } بضم الهمزة جمع أخرى على اعتبار تأنيث الموصوف ، أي وأزواج أخر من شكل ذلك العذاب .