قوله : { وَآخَرُ } : قرأ أبو عمروٍ بضمِّ الهمزةِ على أنه جمع . وارتفاعُه من أوجهٍ ، أحدها : أنه مبتدأٌ ، و " من شَكْلِه " خبرُه ، و " أزواجٌ " فاعلٌ به . الثاني : أنْ يكونَ مبتدأ أيضاً ، و " مِنْ شكلِه " خبرٌ مقدَّمٌ ، و " أزواج " مبتدأٌ والجملةُ خبرُه ، وعلى هذين فيقال : كيف يَصِحُّ مِنْ غير ضميرٍ يعودُ على أُخَر ، فإن الضميرَ في " شكله " يعودُ على ما تقدَّم أي : مِنْ شكل المَذُوق ؟ والجوابُ : أن الضميرَ عائدٌ على المبتدأ ، وإنما أُفْرد وذُكِّر لأنَّ المعنى : مِنْ شكلِ ما ذَكَرْنا . ذكر هذا التأويلَ أبو البقاءِ . وقد منع مكي ذلك لأجل الخُلُوِّ من الضمير ، وجوابُه ما ذكرته لك . الثالث : أن يكون " مِنْ شكله " نعتاً ل أُخَر ، وأزواج خبر المبتدأ أي : وأُخر من شكل المذوق أزواج . الرابع : أن يكون " من شكله نعتاً أيضاً ، وأزواجٌ فاعل به ، والضميرُ عائدٌ على أُخَر بالتأويل المتقدم ، وعلى هذا فيرتفعُ " أُخَرُ " على الابتداء ، والخبرُ مقدرٌ أي : ولهم أنواعٌ أُخَرُ ، استقرَّ مِنْ شكلها أزواجٌ . الخامس : أنْ يكونَ الخبر مقدراً كما تقدَّم أي : ولهم أُخَرُ ، ومِنْ شكلِه وأزواج صفتان ل أُخَر .
وقرأ العامَّة " مِنْ شَكْلِه " بفتح الشين ، وقرأ مجاهد بكسرِها ، وهما لغتان بمعنى المِثْل والضرب . تقولُ : هذا على شَكْلِه أي : مِثْله وضَرْبه . وأما الشِّكْلُ بمعنى الغُنْج فالبكسر لا غير ، قاله الزمخشري .
وقرأ الباقون " وآخَرُ " بفتح الهمزة وبعدها ألفٌ بصيغةِ أَفْعَل التفضيل ، والإِعرابُ فيه كما تقدَّم . والضمير في أحدِ الأوجه يعودُ عليه مِنْ غيرِ تأويل لأنه مفردٌ . إلاَّ أنَّ في أحد الأوجه يَلْزَمُ الإِخبارُ عن المفردِ بالجمع أو وَصْفُ المفردِ بالجمع ؛ لأنَّ مِنْ جملة الأوجهِ المتقدمةِ أنْ يكونَ " أزواج " خبراً عن " آخر " أو نعتاً له كما تقدَّم . وعنه جوابان ، أحدُهما : أن التقديرَ : وعذابٌ آخرُ أو مَذُوقٌ ، وهو ضُروب ودرجاتٌ فكان في قوةِ الجمع . أو يُجْعَلُ كلُّ جزءٍ من ذلك الآخرِ مثلَ الكلِّ ، وسمَّاه باسمِه وهو شائعٌ كثيرٌ نحو : غليظ الحواجب ، وشابَتْ مفارِقُه . على أنَّ لقائلٍ أنْ يقولَ : إنَّ أزواجاً صفةٌ لثلاثةِ الأشياءِ المتقدِّمة ، أعني الحميم والغَسَّاق وآخرُ مِنْ شكلِه فيُلْغى السؤالُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.