اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَءَاخَرُ مِن شَكۡلِهِۦٓ أَزۡوَٰجٌ} (58)

قوله : { وَآخَرُ } قرأ أبو عمرو بضم الهمزة على أنه جمع وارتفاعه من أوجهٍ : أحدها : أنه مبتدأ و «مِنْ شكْلِهِ » خبره ، و «أَزْوَاجٌ » فاعل به .

الثاني : أن يكون مبتدأ أيضاً و «مِنْ شَكْلِهِ » خبر مقدم ، و «أزواج » مبتدأ . والجملة خبره ، وعلى هذين القولين فيقال : كيف يصحُّ من غير ضمير يعود على «آخر » فإن الضمير في «شكله » يعود على ما تقدم أي من شكل المذوق ؟ والجواب أن الضمير عائد على المبتدأ وإنما أفرد وذكر لأن المعنى من شكل ما ذكرنا . ذكر هذا التأويل أبُو البَقَاء . وقد منعَ مَكِّيٌّ ذلك لأجل الخُلُوِّ من الضمير . وجوابه ما ذكرنا . الثالث : أن يكون «مِنْ شَكْلِهِ » نعتاً «لآخر » و «أزواج » خبر المبتدأ أي «آخر من شكله المذوق أزواج » . الرابع : أن يكون «مِنْ شَكْلِهِ » نعتاً أيضاً ، و «أزواج » فاعل به والضمير عائد على «آخر » بالتأويل المتقدم وعلى هذا فيرتفع «آخر » على الابتداء ، والخبر مقدر أي ولهم أنواع أخرُ استقر من شكلها أزواج . الخامس : أن يكون الخبر مقدراً كما تقدم أي ولهم آخر و «مِنْ شَكْلِهِ » و «أزواج » صفتان لآخر ، وقرأ العامة «من شَكْله » بفتح الشين ، وقرأ مجاهد بكسرها . وهما لغتان بمعنى المثل والضرب . تقول : هذَا عَلَى شَكْلِهِ أي مثله وضربه وأما الشِّكْل بمعنى الغنج فبالكسر لا غير . قاله الزمخشري . وقرأ البَاقُونَ وآخر بفتح الهمزة وبعدها ألف بصيغة أفعل التفضيل والإعراب فيه كما تقدم ، والضمير في أحد الأوجه يعود عليه من غير تأويل لأنه مفرد إلا أن في أحد الأوجه يلزم الإخبار عن المفرد بالجمع أو وصف المفرد بالجمع لأن من جملة الأوجه المتقدمة أن يكون «أزواج » خبراً عن «آخر » أو نعت له كما تقدم . وعنه جوابان :

أحدهما : أن التقدير وعذاب آخر أو مذوق آخ ، وهو ضروب ودرجات فكان في قوة الجمع أو يجعل كل جزء من ذلك الآخر مثل الكل وسماه باسمه وهو شائع كثير نحو غَلِيظ الحَوَاجب وشابت مفارقه . على أن لقائل أن يقول : إن «أزواجاً » صفة للثلاثة الأشياء المتقدمة أعني الحميم والغساقَ وآخرَ من شكله فيلغى السؤال .