معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ} (61)

قوله تعالى : { وإذا جاؤوكم قالوا } ، يعني : هؤلاء المنافقين ، وقيل : هم الذين قالوا : { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره } ، دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : قوله تعالى : { آمنا } بك ، وصدقناك فيما قلت ، وهم يسرون الكفر .

قوله تعالى : { وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به } ، يعني : دخلوا كافرين ، وخرجوا كافرين .

قوله تعالى : { والله أعلم بما كانوا يكتمون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ} (61)

{ وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا ْ } نفاقا ومكرا { و ْ } هم { قد دَّخَلُوا ْ } مشتملين على الكفر { وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ ْ } فمدخلهم ومخرجهم بالكفر -وهم يزعمون أنهم مؤمنون ، فهل أشر من هؤلاء وأقبح حالا منهم ؟ "

{ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ ْ } فيجازيهم بأعمالهم خيرها وشرها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا جَآءُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُواْ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكۡتُمُونَ} (61)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك بعض مظاهر نفاقهم وخداعهم فقال : { وَإِذَا جَآءُوكُمْ قالوا آمَنَّا وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ } .

قال الآلوسي : نزلت كما قال قتادة والسدى - في ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيظهرون له الإِيمان والرضا بما جاء به نفاقا .

والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

والضمير في { جاءكم } يعود على اليهود المعاصرين للنبي .

أي : وإذا جاء إليكم - أيها المؤمنون - أولئك اليهود أظهروا أمامكم الإِسلام ، وقالوا لكم آمنا بأنكم على حق ، وحالهم وحقيقتهم أنهم قد دخلوا إليكم وهم متلبسون بالكفر ، وخرجوا من عندكم وهم متلبسون به - أيضاً - فهم يدخلون عليكم ويخرجون من عندكم وقلوبهم كما هي لا تتأثر بالمواعظ التي يلقيها الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم قد قست قلوبهم ، وفسدت نفوسهم .

وقوله : { وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ } جملتان في موضع الحال من ضمير الجمع في { قالوا } .

والباء في قوله : { بالكفر } وقوله : { به } للملابسة . أي : دخلوا وخرجوا وهم متلبسون بالكفر من غير نقصان منه ولا تغيير فيه ألبتة .

قال الفخر الرازي : وذكر عند الدخول كلمة { قد } وذكر عند الخروج كلمة { هم } لأن الفائدة من ذكر كلمة { قد } تقريب الماضي من الحال . والفائدة من ذكر كلمة { هم } التأكيد في إضافة الكفر إليهم ، ونفي أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فعل ، أي : لم يسمعوا منك يا محمد عند جلوسهم معك ما يوجب كفرا ، فتكون أنت الذي ألقيتهم في الكفر ، بل هم الذين خرجوا بالكفر باختيار أنفسهم .

ويبدو لنا أنه عبر عن دخولهم بقوله { وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر } وعبر عن خروجهم بقوله : { وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ } بإضافة ضميرهم مع قد ، للإِشارة إلى أنهم عند خروجهم كانوا أشد كفراً ، وأقسى قلوبا منهم عند دخولهم .

وهذا شأن الجاحديون المنافقين ، لا تؤثر فيهم العظات مهما كانت بليغة ، ولا النذر مما كانت قوية ، بخلاف قلوب المؤمنين فإن المواعظ تزيدها يقينا على يقينها ، وإيمانا على إيمانها . ألا ترى إلى قوله - تعالى - :

{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هذه إِيمَاناً فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُون . وَأَمَّا الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ } وقوله - تعالى - : { والله أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ } وعيد شديد لهم على كفرهم ونفاقهم .

أي : والله - تعالى - أعلم بما كانوا يخفونه من نفاق وخداع عند دخولهم وعند خروجهم ، لأنه - سبحانه - لا تخفى عليه خافية من أحوالهم .