معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تِلۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهَآ إِلَيۡكَۖ مَا كُنتَ تَعۡلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوۡمُكَ مِن قَبۡلِ هَٰذَاۖ فَٱصۡبِرۡۖ إِنَّ ٱلۡعَٰقِبَةَ لِلۡمُتَّقِينَ} (49)

قوله تعالى : { تلك من أنباء الغيب } ، أخبار الغيب ، { نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } ، من قبل نزول القرآن ، { فاصبر } ، على القيام بأمر الله وتبليغ الرسالة وما تلقى من أذى الكفار كما صبر نوح ، { إن العاقبة } آخر الأمر بالسعادة والنصرة { للمتقين } ، لأهل التقوى .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تِلۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهَآ إِلَيۡكَۖ مَا كُنتَ تَعۡلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوۡمُكَ مِن قَبۡلِ هَٰذَاۖ فَٱصۡبِرۡۖ إِنَّ ٱلۡعَٰقِبَةَ لِلۡمُتَّقِينَ} (49)

القول في تأويل قوله تعالى : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هََذَا فَاصْبِرْ إِنّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتّقِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : هذه القصة التي أنبأتك بها من قصة نوح وخبره وخبر قومه منْ أنْباءِ الغَيْبِ يقول : هي من أخبار الغيب التي لم تشهدها فتعلمها ، نُوحيها إلَيْكَ يقول : نوحيها إليك نحن فنعرفكها ، ما كُنْتَ تَعْلَمُها أنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا الوحي الذي نوحيه إليك ، فاصبر على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته وما تلقىَ من مشركي قومك ، كما صبر نوح . إنّ العاقِبَةَ للْمُتّقِينَ يقول : إن الخير من عواقب الأمور لمن اتقى الله فأدّى فرائضه واجتنب معاصيه فهم الفائزون بما يؤملون من النعيم في الاَخرة والظفر في الدنيا بالطّلِبة ، كما كانت عاقبة نوح إذ صبر لأمر الله أن نجاه من الهلكة مع من آمن به وأعطاه في الاَخرة ما أعطاه من الكرامة ، وغرق المكذّبين به فأهلكهم جميعهم .

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : تِلْكَ مِنْ أنْباءِ الغَيْبِ نُوحِيها إلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا القرآن ، وما كان علم محمد صلى الله عليه وسلم وقومه ما صنع نوح وقومه ، لولا ما بين الله في كتابه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تِلۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهَآ إِلَيۡكَۖ مَا كُنتَ تَعۡلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوۡمُكَ مِن قَبۡلِ هَٰذَاۖ فَٱصۡبِرۡۖ إِنَّ ٱلۡعَٰقِبَةَ لِلۡمُتَّقِينَ} (49)

وقوله تعالى : { تلك من أنباء الغيب } الآية إشارة إلى القصة ، أي هذه من الغيوب التي تقادم عهدها ولم يبق علمها إلا عند الله تعالى ، ولم يكن علمها أو علم أشباهها عندك ولا عند قومك ، ونحن نوحيها إليك لتكون لك هداية وأسوة فيما لقيه غيرك من الأنبياء ، وتكون لقومك مثالاً وتحذيراً ، لئلا يصيبهم إذا كذبوك مثل ما أصاب هؤلاء وغيرهم من الأمور المعذبة .

قال القاضي أبو محمد : وعلى هذا المعنى ظهرت فصاحة قوله : { فاصبر إن العاقبة للمتقين } ، أي فاجتهد في التبليغ وجد في الرسالة واصبر على الشدائد واعلم أن العاقبة لك كما كانت لنوح في هذه القصة . وفي مصحف ابن مسعود : «من قبل هذا القرآن » .