تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تِلۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهَآ إِلَيۡكَۖ مَا كُنتَ تَعۡلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوۡمُكَ مِن قَبۡلِ هَٰذَاۖ فَٱصۡبِرۡۖ إِنَّ ٱلۡعَٰقِبَةَ لِلۡمُتَّقِينَ} (49)

وقوله تعالى : ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ) يحتمل قوله : ( تلك ) أي قصة نوح ( من أنباء الغيب نوحيها إليك ) غابت عنك ، لم تشهدها ، ولم تعلمها ( أنت ولا قومك من قبل هذا ) .

إن كان المراد من قوله : ( تلك من أنباء الغيب ) قصة نوح خاصة وأنباؤه كان يجيء أن يقول : هذه من أنباء الغيب ، نوحيها إليك ، لكنه كأنه على الإضمار ؛ أي هذه الأنباء تلك الأنباء التي ذكرت في كتبهم . وإن كان المراد هذه وغيرها من الأنباء [ كان ][ ساقطة من الأصل وم ] يصير كأنه قال : هذه من تلك الأنباء .

ويحتمل قوله ( تلك من أنباء الغيب ) القصص كلها قصة نوح وغيره من الأنبياء ( من أنباء الغيب ) غابت عنك ، لم تشهدها ، ولا تعلمها ( أنت ولا قومك ) خص قومه لأن غيره من الأقوام قد كانوا عرفوا تلك الأنباء ، فيخبرونهم ، فيعرفون به صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفيه دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبرهم على ما أخبر أولئك الذين عرفوا تلك الأنباء بكسبهم ليعلم أنه إنما عرف ذلك بالله ؛ إذ تلك الأنباء كانت بغير لسان ، ولم يعرف أنه اختلف لأحد منهم . دل أنه إنما عرف بالله تعالى .

وقوله تعالى : ( فاصبر ) يحتمل قوله : ( فاصبر ) على تكذيبهم إياك وعلى أذاهم ، أو اصبر على ما أمرت ، ونهيت ، أو اصبر على [ ما ][ من م ، ساقطة من الأصل ] صبر إخوانك من قبل كقوله ( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )[ الأحقاف : 35 ] ونحوه .

وقوله تعالى : ( إن العاقبة للمتقين ) يشبه أن يكون قوله : ( للمتقين ) الذين اتقوا الشرك ، والذين[ في الأصل وم : وأمكن الذين ] اتقوا الشرك والمعاصي كلها . والأشبه أن يكون المراد منه اتقاء الشرك لأنه ذكر بإزاء قوله : ( وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) فهو في العقد أشبه .

وقال بعض أهل التأويل في قوله : ( اهبط بسلام ) من السفينة ( بسلام منا ) فسلمه الله ومن معه من الغرق ( وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) يعني بالبركة أنهم توالدوا ، وكثروا ، بعدما خرجوا من السفينة .

وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه قال ][ ساقطة من الأصل وم ] في قوله : ( وبركات عليك وعلى أمم ممن معك ) ممن سبق له في علم الله البركات والسعادة من النبيين وغيرهم .