معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

قوله تعالى : { فلما آسفونا } أغضبونا . { انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

يقول الله تبارك وتعالى : فَلَمّا آسَفُونا يعني بقوله : آسفونا : أغضبونا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَلَمّا آسَفُونا يقول : أسخطونا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، فَلَمّا آسَفُونا يقول : لما أغضبونا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد فَلَمّا آسَفُونا : أغضبونا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَلَمّا آسَفُونا قال : أغضبوا ربهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة فَلَمّا آسَفُونا قال : أغضبونا .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فَلَمّا آسَفُونا قال : أغضبونا ، وهو على قول يعقوب : يا أسَفِي عَلى يُوسُفَ قال : يا حزَني على يوسف .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ قال : أغضبونا ، وقوله : انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ يقول : انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجّلناه لهم ، فأغرقناهم جميعا في البحر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

{ فلما آسفونا } أغضبونا بالإفراط في العناد والعصيان منقول من أسف إذا اشتد غضبه . { انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } في اليم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

عُقب ما مضى من القصة بالمقصود وهو هذه الأمور الثلاثة المترتبة المتفرع بعضها على بعض وهي : الانتقام ، فالإغراق ، فالاعتبار بهم في الأمم بعدَهم .

والأسف : الغَضَب المشوبُ بحُزن وكدَر ، وأطلق على صنيع فرعون وقومه فعل { ءاسفونا } لأنه فعل يترتب عليه انتقام الله منهم انتقاماً كانتقام الآسف لأنهم عصَوا رسوله وصمّموا على شركهم بعد ظهور آيات الصدق لموسى عليه السلام .

فاستعير { ءاسفونا } لمعنى عَصَوْنا للمشابهة ، والمعنى : فلما عصونا عصيان العبدِ ربّه المنعِم عليه بكفران النعمة ، والله يستحيل عليه أن يتصف بالآسف كما يستحيل عليه أن يتصف بالغضب على الحقيقة ، فيؤول المعنى إلى أن الله عاملهم كما يعامل السيدُ المأسوفُ عبداً آسفه فلم يترك لرحمةِ سيده مسلكاً . وفعل أسِف قاصر فعدّي إلى المفعول بالهمزة .

وفي قوله : { فلما ءاسفونا } إيجاز لأن كونهم مؤسِفين لم يتقدم له ذكر حتى يبنى أنه كان سبباً للانتقام منهم فدلّ إناطة أداة التوقيت به على أنه قد حصل ، والتقدير : فآسفونا فلما آسفونا انتقمنا منهم . والانتقام تقدم معناه قريباً عند قوله تعالى : { فإنا منهم منتقمون } [ الزخرف : 41 ] .

وإنما عطف { فأغرقناهم } بالفاء على { انتقمنا منهم } مع أن إغراقهم هو عين الانتقام منهم ، إِمّا لأن فعل { انتقمنا } مؤَوَّل بقدَّرنا الانتقامَ منهم فيكون عطفُ { فأغرقناهم } بالفاء كالعطف في قوله : { أنْ يقول له كُن فيكونُ } [ يس : 82 ] ، وإما أن تُجعل الفاء زائدة لتأكيد تسبب { ءاسفونا } في الإغراق ، وأصل التركيب : انتقمنا منهم فأغرقناهم ، على أن جملة { فأغرقناهم } مبينة لجملة { انتقمنا منهم } فزيدت الفاء لتأكيد معنى التبيين ، وإما أن تجعل الفاء عاطفة جملة { انتقمنا } على جملة { فاستخف قومه } [ الزخرف : 54 ] فأغرقناهم أجمعين } وتكون جملة { انتقمنا } معترضة بين الجملة المفرعة والمفرعة عنها ، وتقدم نظير هذا عند قوله تعالى : { فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليّم } [ الأعراف : 136 ] .

وفرع على إغراقهم أن الله جعلهم سلفاً لقوم آخرين ، أي يأتون بعدهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فلما أسفونا} يعني أغضبونا.

{انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين} لم ينج منهم أحد...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول الله تبارك وتعالى:"فَلَمّا آسَفُونا" يعني بقوله: آسفونا: أغضبونا... عن ابن عباس، قوله: "فَلَمّا آسَفُونا "يقول: أسخطونا...

وقوله: "انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ" يقول: انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عجّلناه لهم، فأغرقناهم جميعا في البحر.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{ءَاسَفُونَا} منقول من أسف أسفاً إذا اشتد غضبه... ومعناه: أنهم أفرطوا في المعاصي وعدوا طورهم، فاستوجبوا أن نعجل لهم عذابنا وانتقامنا، وأن لا نحلم عنهم.

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

فلما آسفونا} أي أغضبونا بطاعة عدونا وقبول مغالطاته بلا دليل، وتكذيب موسى وآياته، وندائه بالساحر، ونكث العهود.

{انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين} وذلك لاستغراقهم في بحر الضلال، الأجيال الطوال، وعدم نفع العظة معهم بحال من الأحوال...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم انتهت مرحلة الابتلاء والإنذار والتبصير؛ وعلم الله أن القوم لا يؤمنون؛ وعمت الفتنة فأطاعت الجماهير فرعون الطاغية المتباهي في خيلاء، وعشت عن الآيات البينات والنور؛ فحقت كلمة الله وتحقق النذير: (فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين، فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين)..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الأسف: الغَضَب المشوبُ بحُزن وكدَر، وأطلق على صنيع فرعون وقومه فعل {ءاسفونا}؛ لأنه فعل يترتب عليه انتقام الله منهم انتقاماً كانتقام الآسف؛ لأنهم عصَوا رسوله وصمّموا على شركهم بعد ظهور آيات الصدق لموسى عليه السلام. فاستعير {ءاسفونا} لمعنى عَصَوْنا للمشابهة، والمعنى: فلما عصونا عصيان العبدِ ربّه المنعِم عليه بكفران النعمة، والله يستحيل عليه أن يتصف بالآسف كما يستحيل عليه أن يتصف بالغضب على الحقيقة، فيؤول المعنى إلى أن الله عاملهم كما يعامل السيدُ المأسوفُ عبداً آسفه فلم يترك لرحمةِ سيده مسلكاً...