معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

قوله تعالى : { كذلك سلكناه } قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد : أدخلنا الشرك والتكذيب . { في قلوب المجرمين* }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

ثم وكد تعالى ذكره الخبر عما قد حتم على هؤلاء المشركين ، الذين آيس نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم من إيمانهم من الشقاء والبلاء ، فقال : كما حتمنا على هؤلاء أنهم لا يؤمنون بهذا القرآن وَلَوْ نَزّلْناهُ عَلى بَعْضِ الأعْجَمِينَ فقرأه عليهم كَذَلِكَ نَسْلُك التكذيب والكفر فِي قُلُوبِ المجرِمِينَ . ويعني بقوله : سلكنا : أدخلنا ، والهاء في قوله سَلَكْناهُ كناية من ذكر قوله ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ، كأنه قال : كذلك أدخلنا في قلوب المجرمين ترك الإيمان بهذا القرآن . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : كذَلكَ سَلَكْناهُ قال : الكفر فِي قُلُوبِ المُجْرِمِينَ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله كَذلكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ المُجْرِمِينَ . لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حتى يَرَوا العَذَابَ الأَلِيمَ .

حدثني عليّ بن سهل ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن سفيان ، عن حميد ، عن الحسن ، في هذه الاَية كَذلكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ المُجْرِمِينَ قال : خلقناه .

قال : ثنا زيد ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، قال : سألت الحسن في بيت أبي خليفة ، عن قوله كذلكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ المُجْرِمِينَ قال : الشرك سلكه في قلوبهم ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

{ كذلك سلكناه } أدخلناه . { في قلوب المجرمين } والضمير للكفر المدلول عليه بقوله { ما كانوا به مؤمنين فتدل الآية على أنه بخلق الله ، وقيل للقرآن أي أدخلناه فيها فعرفوا معانيه وإعجازه ثم لم يؤمنوا به عنادا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَٰلِكَ سَلَكۡنَٰهُ فِي قُلُوبِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (200)

تقدم نظير أول هذه الآية في سورة الحجر ( 12 ) ، إلاّ أن آية الحجر قيل فيها : { كذلك نسلكه } وفي هذه الآية قيل سلكناه } ، والمعنى في الآيتين واحد ، والمقصود منهما واحد ، فوجه اختيار المضارع في آية الحِجر أنه دال على التجدد لئلا يتوهم أن المقصود إبلاغٌ مضى وهو الذي أبلغ لشيع الأولين لتقدم ذكرهم فيتوَهَّم أنهم المراد بالمجرمين مع أن المراد كفار قريش . وأما هذه الآية فلم يتقدم فيها ذكر لغير كفار قريش فناسبها حكاية وقوع هذا الإبلاغ منذ زمن مضَى . وهم مستمرون على عدم الإيمان .

وجملة : { كذلك سلكناه } إلخ مستأنفة بيانيَّة ، أي إن سألت عن استمرار تكذيبهم بالقرآن في حين أنه نزل بلسان عربي مبين فلا تعجَب فكذلك السلوكِ سلكناه في قلوب المشركين ؛ فهو تشبيه للسلوك المأخوذ من { سلكناه } بنفسه لغرابته . وهذا نظير ما تقدم في قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة ( 143 ) ، أي هو سلوك لا يشبهه سلوك وهو أنه دخل قلوبهم بإبانته وعَرفوا دلائل صدقه من أخبار علماء بني إسرائيل ومع ذلك لم يؤمنوا به .

ومعنى : { سلكناه } أدخلناه ، قال الأعشى :

كما سَلَكَ السَّكِّيَّ في الباب فَيْتَقُ

وعبّر عن المشركين ب { المجرمين } لأن كفرهم بعد نزول القرآن إجرام .