معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

قوله تعالى : { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } ، قيل : أراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل ولا يفرقون بينهما . والأكثرون على أنه أراد به صلة الرحم .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف عاد أبا الدرداء فقال - يعني عبد الرحمن- : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " فيما يحكي عن ربه عز وجل : أنا الله ، وأنا الرحمن ، خلقت الرحم ، وشققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته "

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أنبأنا أبو جعفر الرياني ، حدثني حميد ابن زبجويه ، حدثنا ابن أبي أويس ، قال : حدثني سليمان بن بلال عن معاوية بن أبي مزود ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقوي الرحمن ، فقال : مه ، قالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يارب ، قال : فذاك لك " ، ثم قال أبو هريرة : اقرؤا إن شئتم { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم } [ محمد-22 ] .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أنبأنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد ابن زنجويه ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا كثير بن عبد الله اليشكري ، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن ابن عوف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة تحت العرش يوم القيامة : القرآن يحاج العباد ، له ظهر وبطن ، والأمانة ، والرحم تنادى ألا من وصلني وصلة الله ومن قطعني قطعه الله " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، أخبرنا حميد ابن زنجويه ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أن عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا شعبة ، عن عيينة بن عبد الرحمن قال : سمعت أبي يحدث عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار ، أنبأنا أحمد بن منصور الزيادي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير ابن مطعم ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يدخل الجنة قاطع " .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، حدثنا أحمد بن إسحاق الصيدلاني ، أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد بن نصر ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عمرو بن عثمان قال . سمعت موسى بن طلحة يذكر عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، " أن أعرابيا عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فقال : أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار ، قال صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ، لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتى الزكاة ، وتصل الرحم " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا منصور السمعاني ، حدثنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد ابن زنجويه حدثنا أبو يعلى وأبو نعيم قالا : حدثنا قطر ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " ، رواه محمد بن إسماعيل عن محمد بن كثير عن سفيان عن قطر وقال : إذا قطعت رحمة وصلها . { ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

ثم بين - سبحانه - صفات أخرى لهم فقال : { والذين يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ } .

أى : أن من صفات أولى الألباب - أيضا - أنهم يصلون كل ما أمر الله - تعالى - بوصله كصلة الأرحام ، وإفشاء السلام ، وإعانة المحتاج ، والإِحسان إلى الجار .

وقوله { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } خشية تحملهم على امتثال أمره واجتناب نهيه .

{ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } أى : ويخافون أهوال يوم القيامة ، وما فيه من حساب دقيق ، فيحملهم ذلك على أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا .

قال الآلوسى ما ملخصه : " وهذا من قبيل ذكر الخاص بعد العام للاهتمام ، والخشية والخوف قيل : بمعنى .

وفرق الراغب بينهما فقال : الخشية خوف يشوبه تعظيم ، وأكثر ما يكون ذلك من علم .

وقال بعضهم : الخشية أشد الخوف ، لأنها مأخوذة من قولهم : شجرة خشية ، أى : يابسة .

ثم قال الآلوسى : والحق أن مثل هذه الفروق أغلبى لا كلى . . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

ووصل ما أمر الله به أن يوصل : ظاهره في القرابات وهو مع ذلك يتناول جميع الطاعات . و { سوء الحساب } هو أن يتقصى ولا تقع فيه مسامحة ولا تغمد .