القيد الثالث : قوله تعالى : { والذين يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ } .
قيل : أراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل ، و : { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } [ البقرة : 285 ] .
وقال الأكثرون : المراد صلة الرَّحم .
فِإن قيل : الوفاء بالعهد ، وترك نقض الميثاقِ اشتمل على وجوب الإتيان بجميع المأمورات ، والاحتراز عن كل المنهيات . فما الفائدة في ذكر هذه القيود بعدهما ؟
[ الأول ] : ذكر ذلك لئلا يظنَّ ظانٌّ أنَّ ذلك ، فيما بينهن ، وبين ربه ، فلا جرم أفرد ما بينه ، وبين العباد ، بالذكر .
والثاني : أنه تأكيدٌ ، وفي [ تفسير ] هذه الصِّلة وجوه :
أحدهما : صلة الرَّحم ، قال صلوات الله وسلامه عليه حاكياً عن ربِّه عز وجل أنا الرَّحمنُ وهِيَ الرَّحمُ شققتُ لها اسماً من اسْمِي فمنْ وصلها وصلتهُ ومن قَطهَا [ قَطَعْتُهُ ] قال تعالى : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وتقطعوا أَرْحَامَكُمْ } [ محمد : 22 ] .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ثَلاثَةٌ يَأتِينَ يَوْمَ القِيامة لها ذَلَق : تأتي الرَّحِمُ تقول : أيْ ربِّ قُطِعْتُ ، والأمَانَةُ تقول : أي ربِّ تُركت ، والنِّعمة تقول : أي ربِّ كُفِرْتُ " .
وثانيها : المراد صلة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ومؤازرته ونصرته في الجهادِ .
وثالثاً : رعاية جميع الحقوق الواجبة للعباد ، فيدخل فيه صلة الرَّحم ، وأخوة الإيمان قال تعالى : { إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ] ويدخل في هذه الصلة أيضاً إمدادهم بالخيرات ، ودفع الآفات بقدر الإمكان ، وعيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، وإفشاء السلام والتبسم في وجوههم ، وكف الأذى عنهم ، ويدخل فيه كل حيوان حتى الهرة ، والدجاجة .
القيد الرابع : قوله : " وَيخْشَوْنَ ربَّهُمْ " معناه : أنَّ العبد ، وإن قام بكُلِّ ما جَاءَ عليه من تعظيم الله ، والشفقة على خلق الله إلا أنه لا بد من وأن تكون الخشية من الله عز وجل والخوف منه مستويان .
والفرق بين الخشية ، والخوف : أنَّ الخشية أن تخشى وقوع خلل إمَّا بزيادةٍ ، أو نقصٍ فيما يأتي به ، والخوفُ : هو مخافة الهيبة والجلال .
القيد الخامس : قوله عز وجل : { وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } .
وهذا القيد هو المخافة من سوءِ الحسابِ ، وهو خوف الجلال ، والعظمة ، والمهابة ، وإلا لزم التكرار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.