السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

{ والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } ، أي : من الإيمان والرحم وغير ذلك ، والأكثرون على أنه أراد به صلة الرحم . عن أبي موسى أنّ عبد الرحمن بن عوف عاد أبا الدرداء فقال عبد الرحمن : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فيما يحكي عن ربه تعالى : «أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته ، أو قال : بتته » . وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله » . وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «من سره أن يبسط في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه » . ومعنى ينسأ يؤخر ، والمراد به تأخير الأجل ، وفيه قولان :

أحدهما وهو المشهور : أنه يزاد في عمره زيادة حقيقية .

والثاني : يبارك له في عمره فكأنه قد زيد فيه . وعن ابن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها » . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «تأتي يوم القيامة لها ألسنة ذلقة الرحم فتقول : أي : رب قطعت والأمانة تقول : أي رب تركت والنعمة تقول : أي : رب كفرت » . وعن الفضيل بن عياض أنّ جماعة دخلوا عليه بمكة فقال : من أين أنتم ؟ فقالوا : من خراسان . قال : اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم ، واعلموا أنّ العبد لو أحسن كل الإحسان وكان له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين .

{ ويخشون ربهم } ، أي : وعيده عموماً ، والخشية خوف يشوبه تعظيم { ويخافون سوء الحساب } خصوصاً فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا .