قوله عز وجل :{ والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب }
القيد الثالث : { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } وههنا سؤال : وهو أن الوفاء بالعهد وترك نقض الميثاق اشتمل على وجوب الإتيان بجميع المأمورات والاحتراز عن كل المنهيات فما الفائدة في ذكر هذه القيود المذكورة بعدهما ؟
والجواب من وجهين : الأول : أنه ذكر لئلا يظن ظان أن ذلك فيما بينه وبين الله تعالى فلا جرم أفرد ما بينه وبين العباد بالذكر . والثاني : أنه تأكيد .
إذا عرفت هذا فنقول : ذكروا في تفسيره وجوها : الأول : أن المراد منه صلة الرحم قال عليه السلام : « ثلاث يأتين يوم القيامة لها ذلق الرحم تقول : أي رب قطعت ، والأمانة تقول : أي رب تركت ، والنعمة تقول : أي رب كفرت »
والقول الثاني : أن المراد صلة محمد صلى الله عليه وسلم ومؤازرته ونصرته في الجهاد .
والقول الثالث : رعاية جميع الحقوق الواجبة للعباد ، فيدخل فيه صلة الرحم وصلة القرابة الثابتة بسبب أخوة الإيمان كما قال : { إنما المؤمنون إخوة } ويدخل في هذه الصلة إمدادهم بإيصال الخيرات ودفع الآفات بقدر الإمكان وعيادة المريض وشهود الجنائز وإفشاء السلام على الناس والتبسم في وجوههم ، وكف الأذى عنهم ويدخل فيه كل حيوان حتى الهرة والدجاجة ، وعن الفضيل بن عياض رحمه الله أن جماعة دخلوا عليه بمكة فقال : من أين أنتم ؟ قالوا : من خراسان . فقال : اتقوا الله وكونوا من حيث شئتم ، واعلموا أن العبد لو أحسن كل الإحسان وكان له دجاجة فأساء إليها لم يكن من المحسنين ، وأقول حاصل الكلام : أن قوله : { الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق } إشارة إلى التعظيم لأمر الله وقوله : { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } إشارة إلى الشفقة على خلق الله .
القيد الرابع : قوله : { ويخشون ربهم } والمعنى : أنه وإن أتى بكل ما قدر عليه في تعظيم أمر الله ، وفي الشفقة على خلق الله إلا أنه لا بد وأن تكون الخشية من الله والخوف منه مستوليا على قلبه وهذه الخشية نوعان : أحدهما : أن يكون خائفا من أن يقع زيادة أو نقصان أو خلل في عباداته وطاعاته ، بحيث يوجب فساد العبادة أو يوجب نقصان ثوابها . والثاني : وهو خوف الجلال وذلك لأن العبد إذا حضر عند السلطان المهيب القاهر فإنه وإن كان في غير طاعته إلا أنه لا يزول عن قلبه مهابة الجلالة والرفعة والعظمة .
القيد الخامس : قوله : اعلم أن القيد الرابع إشارة إلى الخشية من أمر الله ، وهذا القيد الخامس إشارة إلى الخوف والخشية وسوء الحساب ، وهذا يدل على أن المراد من الخشية من الله ما ذكرناه من خوف الجلال والمهابة والعظمة وإلا لزم التكرار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.