نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ وَيَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلۡحِسَابِ} (21)

ولما كان أمر الله جارياً على منهاج العقل وإن كان قاصراً عنه لا يمكن نيله له من غير مرشد ، قال : { والذين يصلون } أي من كل شيء على سبيل الاستمرار { ما أمر الله } أي الذي له الأمر كله ؛ وقال :

{ به{[44078]} أن يوصل } دون " يوصله " ليكون مأموراً بوصله مرتين ، ويفيد تجديد الوصل كلما{[44079]} قطعه قاطع على الاستمرار لما تظافر على ذلك من دليلي العقل والنقل ؛ والوصل : ضم الثاني إلى الأول من غير فرج{[44080]} .

ولما كان الدليل يرشد إلى أن الله تعالى مرجو مرهوب قال : { ويخشون ربهم } أي المحسن إليهم ، من أن ينتقم منهم إن خالفوا بقطع{[44081]} الإحسان . ولما كان العقل دالاً بعد تنبيه الرسل على القدرة على المعاد بالقدرة على المبدأ ، وكان الخوف منه أعظم الخوف{[44082]} ، قال تعالى : { ويخافون } أي يوجدون الخوف إيجاداً مستمراً { سوء الحساب * } وهو{[44083]} المناقشة فيه من غير عفو ، ومن أول السورة إلى هنا تفصيل لقوله تعالى أول البقرة{ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب }[ البقرة :1 ] مع نظيره إلى قوله آخر يوسف{ ما كان حديثاً يفترى }[ يوسف :111 ] .


[44078]:سقط من ظ.
[44079]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: كما.
[44080]:من م، وفي الأصل: مرح، وفي ظ: مزح، وفي مد: فرح- كذا.
[44081]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: ولم يقطع.
[44082]:زيد من ظ ومد.
[44083]:في ظ: هي.