معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

قوله تعالى : { لا يسأم الإنسان } لا يمل الكافر ، { من دعاء الخير } أي : لا يزال يسأل ربه الخير ، يعني المال والغنى والصحة ، { وإن مسه الشر } الشدة والفقر . { فيؤوس } من روح الله . { قنوط } من رحمته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

وقوله - تعالى - : { لاَّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير وَإِن مَّسَّهُ الشر فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } بيان لما جبل عليه الإِنسان من حب للمال وغيره من ألوان النعم .

ومن ضيقه بما يخالف ذلك .

ويبدو أن المراد بالإِنسان فى هذه الآية وأمثالها جنسه الغالب ، وإلا فهناك مؤمنون صادقون ، إذا رزقهم الله النعم شكروا ، وإذا ابتلاهم بالمحن صبروا .

والمراد بالخير ما يشمل المال والصحة والجاه والسلطان وما إلى ذلك مما يشتهى .

والسأم : الملل ، يقال سئم فلان هذا الشئ ، إذا مله وضاق به وانصرف عنه .

واليأس : أن ينقطع قلب الإِنسان عن رجاء الحصول على الشئ ، يقال : يئس فلان من كذا - من باب فهم - ، إذا فقد الرجاء فى الظفر به .

والقنوط : أن يظهر أثر ذلك اليأس على وجهه وهيئته ، بأن يبدو منكسرا متضائلا مهموما .

فكأن اليأس شئ داخل من أعمال القلب بينما القنوط من الآثار الخارجية التى تظهر علاماتها على الإِنسان .

أى : لا يسأم الإِنسان ولا يمل ولا يهدأ من طلب الخير والسعة فى النعم .

{ وَإِن مَّسَّهُ الشر } من عسر أو مرض { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } أى : فهو كثير اليأس والقنوط من رحمة الله - تعالى - وفضله ، بحيث تنكسر نفسه ، ويظهر ذلك على هيئته .

وعبر - سبحانه - بيئوس وقنوط وهما من صيغ المبالغة ، للإِشارة إلى شدة حزنه وجزعه عندما يعتريه الشر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

وقوله تعالى : { لا يسئم الإنسان } آيات نزلت في كفار قريش ، قيل في الوليد بن المغيرة ، وقيل في عتبة بن ربيعة ، وجل الآية يعطي أنها نزلت في كفار وإن كان أولها يتضمن خلقاً ربما شارك فيها{[10094]} بعض المؤمنين . و : { دعاء الخير } إضافته المصدر إلى المفعول ، والفاعل محذوف تقديره : من دعاء الخير هو . وفي مصحف ابن مسعود : «من دعاء بالخير »{[10095]} . و { الخير } في هذه الآية : المال والصحة ، وبذلك تليق الآية بالكافر ، وإن قدرناه خير الآخرة فهي للمؤمن ، وأما اليأس والقنط{[10096]} على الإطلاق فمن صفة الكافر وحده .


[10094]:الخلق مؤنثة، لأنها حال للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال من خير أو شر من غير حاجة إلى فكر وروية. (مجمع اللغة العربية).
[10095]:هكذا أيضا في البحر المحيط، وقد أكده حين قال: بإدخال الباء على الخير،أما القرطبي فقد قال: وفي قراءة عبد الله: (لا يسأم الإنسان من دعاء المال).
[10096]:في اللسان: (قنط يقنط ويقنط قنوطا، مثل جلس يجلس جلوسا، وقنط قنطا... وفيه لغة ثالثة قنط يقنط قنطا، مثل تعب يتعب تعبا)، فالقنط - على هذا- كصدر مثل القنوط.