فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَّا يَسۡـَٔمُ ٱلۡإِنسَٰنُ مِن دُعَآءِ ٱلۡخَيۡرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَـُٔوسٞ قَنُوطٞ} (49)

ثم ذكر سبحانه بعض أحوال الإنسان ، فقال : { لاَّ يَسْئَمُ الانسان مِن دُعَاء الخير } أي لا يملّ من دعاء الخير لنفسه وجلبه إليه ، والخير هنا : المال ، والصحة ، والسلطان ، والرفعة . قال السدّي : والإنسان هنا يراد به الكافر . وقيل : الوليد بن المغيرة . وقيل : عتبة ، وشيبة ابنا ربيعة ، وأمية بن خلف . والأولى حمل الآية على العموم باعتبار الغالب ، فلا ينافيه خروج خلص العباد . وقرأ عبد الله بن مسعود : " لا يسأم الإنسان من دعاء المال " { وَإِن مَّسَّهُ الشر فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } أي وإن مسه البلاء ، والشدّة ، والفقر ، والمرض ، فيئوس من روح الله قنوط من رحمته . وقيل : يؤوس من إجابة دعائه قنوط بسوء الظنّ بربه . وقيل : يؤوس من زوال ما به من المكروه قنوط بما يحصل له من ظنّ دوامه ، وهما صيغتا مبالغة يدلان على أنه شديد اليأس عظيم القنوط .

/خ54