معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

قوله تعالى : { يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون } تردون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

ثم أمر - سبحانه - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يلفت أنظار قومه إلى التأمل والتدبر فى أحوال هذا الكون ، لعل هذا التأمل يديهم إلى الحق فقال : { قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ بَدَأَ الخلق ثُمَّ الله يُنشِىءُ النشأة الآخرة } .

أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المنكرين للبعث : سيحوا فى الأرض ، وتتبعوا أحوال الخلق ، وتأملوا كيف خلقهم الله - تعالى - ابتداء على أطوار مختلفة ، وطبائع متمايزة . وأحوال شتى . . ثم قل لهم بعد كل ذلك ، الله الذى خلق الخلق ابتداء على تلك الصور المتنوعة المتكاثرة ، هو وحده الذى { يُنشِىءُ النشأة الآخرة } أى : هو وحده الذى ينشئهم ويخلقهم ويعيدهم إلى الحاية مرة أخرى ، بعد أن أوجهم فى المرة الأولى .

فجملة { ثُمَّ الله يُنشِىءُ النشأة الآخرة } معطوفة على قوله : { سِيرُواْ } وداخلة معها فى حيز القول .

والكيفية في هذه الآية باعتبار بدء الخلق على أطوار شتى ، وصور متعددة . .

وفى الآية السابقة وهى قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ } باعتبار بدء الخلق من مادة وغيرها .

والمقصود بالأمر بالسير : التدبر والتأمل والاعتبار ، لأن من شأن التنقل فى جنبات الأرض ، أنه يوقظ الحس ، ويبعث على التفكير ، ويفتح العين والقلب على المشاهدة الجديدة التى لم تألفها العين ، ولم يتأملها القلب قبل ذلك .

وجاء الأمير بالسير عاما ، لأن كل إنسان - فى كل زمان ومكان - يأخذ وجوه اعلبرة والعظة - عن طريق هذا السير ما يتناسب مع عقله ، وثقافته ، وبيئته ، وفكره ، ومستواه المادى ، والاجتماعى ، والحضارى .

وقوله - سبحانه - : { إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تعليل لما قبله . أى : هو - سبحانه - قادر على النشأة الأولى ، وعلى النشأة الآخرة ، لأن قدرته لا يعجزنها شئ ولا يحول دون نفاذها حائل .

وهو - سبحانه - { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } ويرحم من يشاء برحمته ، { وَإِلَيْهِ } وحده لا إلى غيره { تُقْلَبُونَ } أى : ترجعون جميعا فيحاسبكم على أعمالكم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

وقوله : { يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ } أي : هو الحاكم المتصرف ، الذي يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه ، ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون ، فله الخلق والأمر ، مهما فعل فَعَدْلٌ ؛ لأنه المالك الذي لا يظلم مثقال ذرة ، كما جاء في الحديث الذي رواه أهل السنن : " إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه ، لعذبهم وهو غير ظالم لهم " {[22526]} . ولهذا قال تعالى : { يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } أي : ترجعون يوم القيامة .


[22526]:- رواه أبو داود في السنن برقم (4699) وابن ماجه في السنن برقم (77) من حديث أبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

القول في تأويل قوله تعالى : { يُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ * وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَلاَ فِي السّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ } .

يقول تعالى ذكره : ثم الله ينشىء النشأة الاَخرة خلقه من بعد فنائهم ، فيعذّب من يشاء منهم على ما أسلف من جرمه في أيام حياته ، ويرحم من يشاء منهم ممن تاب وآمن وعمل صالحا وَإلَيْهِ تُقْلَبُونَ يقول : وإليه ترجعون وتردّون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

المعنى ييسر من يشاء لأعمال من حق عليه العذاب وييسر من يشاء لأعمال من سبقت له الرحمة فيتعلق الثواب والعقاب بالاكتساب المقترن الاختراع الذي لله تعالى في أعمال العبد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

لما ذكر النشأة الآخرة أتبع ذكرها بذكر أهم ما تشتمل عليه وما أوجدت لأجله وهو الثواب والعقاب .

وابتدىء بذكر العقاب لأن الخطاب جار مع منكري البعث الذين حظهم فيه هو التعذيب . ومفعولا فعلي المشيئة محذوفان جرياً على غالب الاستعمال فيهما . والتقدير : من يشاء تعذيبه ومن يشاء رحمته . والفريقان معلومان من آيات الوعد والوعيد ؛ فأصحاب الوعد شاء الله رحمتهم وأصحاب الوعيد شاء تعذيبهم ، فمن الذين شاء تعذيبهم المشركون ومن الذين شاء رحمتهم المؤمنون ، والمقصود هنا هم الفريقان معاً كما دل عليه الخطاب العام في قوله { وإليه تقلبون } .

والقلب : الرجوع ، أي وإليه ترجعون .

وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتأكيد إذ ليس المقام للحصر إذ ليس ثمة اعتقاد مردود . وفي هذا إعادة إثبات وقوع البعث وتعريض بالوعيد .