قوله تعالى : { يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ } ، قدم التعذيب في الذكر على الرحمة مع أن رحمته سابقة كما قال عليه ( الصلاة و ){[41235]} السلام عنه تعالى{[41236]} : «سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي »{[41237]} ؛ لأن السابق ذكر الكفار فذكر العذاب يسبق ذكر مستحقه بحكم الإيعاد ، وعقبه بالرحمة فذكر الرحمة وقع تبعاً لئلا يكون العذاب مذكوراً وحده ، وهذا يحقق قوله عليه ( الصلاة و ){[41238]} السلام عنه : «سبقت رحمتي غضبي » ، وذلك أن الله تعالى حيث كان المقصود ذكر العذاب ، لم يخصه بالذكر ، بل ذكر الرحمة معه ، فإن قيل : إن كان ذكر هذه الآية لتخويف العاصي ، وتفريح المؤمن ، فلو قال : يعذب الكافر ويرحم المؤمن لَكَانَ أدخل في تحصيل المقصود .
وقوله : { يعذب من يشاء } لا يرهب الكافر ، لجواز أن يقول : لعلي لا أكون ممن يشاء الله عذابي .
فالجواب : هذا أبلغ في التخويف لأن الله أثبت بهذا إنفاذ مشيئته ، وأنه إذا أراد تعذيب شخص فلا يمنعه منه مانع ثم كان من المعلوم للعباد بحكم الوعد والإيعاد أنه إذا شاء تعذيب الكافر فلزم منه الخوف العام بخلاف ما لو قال : يعذب العَاصي ، فإنه لا يدل على كمال مشيئته لأنه لا يبعد{[41239]} أنه لو شاء عذاب المؤمن لعذبه ، وإذا لم يبعد{[41240]} هذا فنقول الكافر إذا لم يحصل مراده في تلك الصورة يمكن أن ( لا ){[41241]} يحصل في صورة أخرى{[41242]} .
ومثاله إذا قيل : إن الملك يقدر على ضرب المخالفين ، ولا يقدر على ضرب المطيع فإذا قال : من خالفني أضربه يقع في وهم المخاطب أنه لا يقدر على ضرب المطيع ، فلا يقدر{[41243]} أيضاً عليّ ( لكوني مثله ){[41244]} ، وفيه فائدة أخرى وهو الخوف العام والرجاء العام لأن الأمن الكلي من الله يوجب الجراءة فيفضي إلى صيرورة المطيع عاصياً .
قوله : «وإلَيْهِ تُقْلَبُونَ » أي تُرَدُّونَ{[41245]} ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.