السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرۡحَمُ مَن يَشَآءُۖ وَإِلَيۡهِ تُقۡلَبُونَ} (21)

ولما تم الدليل على الإعادة أنتج لا محالة أنه : { يعذب } أي : بعدله { من يشاء } تعذيبه أي : منكم ومن غيركم في الدنيا والآخرة { ويرحم } أي : بفضله ورحمته { من يشاء } رحمته فلا يمسه سوء ، فإن قيل : لم قدم التعذيب في الذكر على الرحمة مع أنّ رحمته سابقة كما قال صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى : «سبقت رحمتي غضبي » ؟ أجيب : بأنّ السابق ذكر الكفار فذكر العذاب لسبق ذكر مستحقه بحكم الإيعاد وعقبه بالرحمة ، فذكر الرحمة وقع تبعاً لئلا يكون العذاب مذكوراً وحده وهذا تحقيق قوله : «رحمتي سبقت غضبي » { وإليه } وحده { تقلبون } أي : تردون بعد موتكم بأيسر سعي .