معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

قوله تعالى : { قال } فرعون { فما بال القرون الأولى } ومعنى :البال الحال . أي : ما حال القرون الماضية والأمم الخالية ؟ مثل ، قوم نوح وعاد وثمود ، فيما تدعونني إليها ، فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما قاله فرعون لموسى : { قَالَ فَمَا بَالُ القرون الأولى } .

والبال فى الأصل : الفكر . تقول : خطر ببالى كذا ، أى : بفكرى وعقلى ، ثم أطلق على الحال التى يهتم بشأنها ، وهذا الإطلاق هو المراد هنا .

أى : قال فرعون بعد أن رد عليه موسى هذا الرد الحكيم : يا موسى فما حال القرون الأولى ، كقوم نوح وعاد وثمود . . . الذين كذبوا أنبياءهم ، وعبدوا غير الله - تعالى - الذى تدعونى لعبادته ؟

وسؤاله هذا يدل على خبثه ومكره ، لأنه لما سمع من موسى الجواب المفحم له على سؤاله السابق { مَن رَّبُّكُمَا ياموسى } أراد أن يصرف الحديث إلى منحى آخر يتعلق بأمور لا صلة لها برسالة موسى إليه وهى دعوته لعبادة الله - تعالى - وحده ، وإطلاق سراح بنى إسرائيل من الأسر .

ولذا رد عليه موسى - عليه السلام - بما يخرس لسانه ، ويبطل كيده ، فقال - كما حكى القرآن عنه - { عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

{ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأولَى } أصح الأقوال في معنى ذلك : أن فرعون لما أخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق وقدر فهدى ، شرع يحتج بالقرون الأولى ، أي : الذين لم يعبدوا الله ، أي : فما بالهم إذا كان الأمر كما تقول ، لم يعبدوا ربك{[19395]} بل عبدوا غيره ؟ فقال له موسى في جواب ذلك : هم وإن لم يعبدوه فإن عملهم{[19396]} عند الله مضبوط عليهم ، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله ، وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال ، { لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى } أي : لا يشذ عنه{[19397]} شيء ، ولا يفوته صغير ولا كبير ، ولا ينسى شيئًا . يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط ، وأنه لا ينسى شيئًا ، تبارك وتعالى وتقدس ، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان{[19398]} أحدهما : عدم الإحاطة بالشيء ، والآخر نسيانه بعد علمه ، فنزه نفسه عن ذلك .


[19395]:في ف، أ: "لم يعبدوه".
[19396]:في ف، أ: "علمهم".
[19397]:في ف: "عليه".
[19398]:في ف، أ: "نقصان".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الاُولَىَ * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبّي فِي كِتَابٍ لاّ يَضِلّ رَبّي وَلاَ يَنسَى } .

يقول تعالى ذكره : قال فرعون لموسى ، إذ وصف موسى ربه جلّ جلاله بما وصفه به من عظيم السلطان ، وكثرة الإنعام على خلقه والإفضال : فما شأن الأمم الخالية من قبلنا لم تقرّ بما تقول ، ولم تصدّق بما تدعو إليه ، ولم تخلص له العبادة ، ولكنها عبدت الاَلهة والأوثان من دونه ، إن كان الأمر على ما تصف من أن الإشياء كلها خلقه ، وأنها في نعمه تتقلّب ، وفي مِنَنه تتصرف ؟ فأجابه موسى فقال :

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

وقال فرعون { فما بال القرون الأولى } يحتمل أن يريد محاجته بحسب ما تقدم من القول ومناقضته فيه ، فليس يتجه على هذا أن يريد ما بال القرون الأولى ولم يوجد أمرك عندها ، فرد موسى عليه السلام علم ذلك إلى الله تعالى ، ويحتمل أن يريد فرعون قطع الكلام الأول والرجوع إلى سؤال موسى عن حالة من سلف من الناس روغاناً في الحجة وحيدة وقال «البال » الحال فكأنه سألهم عن حالهم كما جاء في الحديث «يهديكم الله ويصلح بالكم »{[8111]} وقال النقاش إنما قال فرعون { فما بال القرون الأولى } لما سمع مؤمن آله يا قوم { إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب } [ غافر : 30 ] مثل دأب قوم نوح وعاد «{[8112]} الآية .


[8111]:أخرجه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه في الأدب.
[8112]:من الآيتين (30، 31) من سورة (المؤمن) ـ وهي سورة (غافر)، ومؤمن آل فرعون هو الذي تتحدث عنه الآيات من قوله تعالى في سورة غافر {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه} الآية (28) وما بعدها، ولهذا سميت السورة سورة مؤمن.