وأما قوله تعالى : { قال فما بال القرون الأولى } فاعلم أن في ارتباط هذا الكلام بما قبله وجوها . أحدها : أن موسى عليه السلام لما قرر على فرعون أمر المبدأ والمعاد قال فرعون : إن كان إثبات المبدأ في هذا الحد من الظهور : { فما بال القرون الأولى } ما أثبتوه وتركوه ؟ فكان موسى عليه السلام لما استدل بالدلالة القاطعة على إثبات الصانع قدح فرعون في تلك الدلالة بقوله إن كان الأمر في قوة هذه الدلالة على ما ذكرت وجب على أهل القرون الماضية أن لا يكونوا غافلين عنها فعارض الحجة بالتقليد . وثانيها : أن موسى عليه السلام هدد بالعذاب أولا في قوله : { إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى } فقال فرعون : { فما بال القرون الأولى } فإنها كذبت ثم إنهم ما عذبوا ؟ وثالثها : وهو الأظهر أن فرعون لما قال : { فمن ربكما يا موسى } فذكر موسى عليه السلام دليلا ظاهرا وبرهانا باهرا على هذا المطلوب فقال : { ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } فخاف فرعون أن يزيد في تقرير تلك الحجة فيظهر للناس صدقه وفساد طريق فرعون فأراد أن يصرفه عن ذلك الكلام وأن يشغله بالحكايات فقال : { فما بال القرون الأولى } فلم يلتفت موسى عليه السلام إلى ذلك الحديث بل قال : { علمها عند ربي في كتاب } ولا يتعلق غرضي بأحوالهم فلا أشتغل بها ، ثم عاد إلى تتميم كلامه الأول وإيراد الدلائل الباهرة على الوحدانية فقال : { الذي خلق لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا } وهذا الوجه هو المعتمد في صحة هذا النظم ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.