اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

قوله : { قَالَ فَمَا بَالُ القرون الأولى } البال : الفكر ، يقال : خطر بباله كذا ، ولا يثنى ولا يجمعن وشذ جمعه على بالات ، ويقال للحال المكترث بها ، وكذلك يقال : ما بَالَيتُ بالة ، والأصل بالية كعافية فحذفت لامه تخفيفاً{[24770]} .

فصل

قال المفسرون : البَالُ ، الحالُ ، أي ما حال القرون الماضية والأمم الخالية كقوم نوح وعاد وثمود{[24771]} .

وفي ارتباط هذا الكلام بما قبله وجوه{[24772]} :

الأول : أنَّ موسى -عليه السلام{[24773]}- لمَّا قرر أمر المبدأ قال فرعون : إن كان إثبات المبدأ ظاهراً{[24774]} إلى هذا الحد { قَالَ فَمَا بَالُ القرون الأولى }{[24775]} ما أثبتوه بل تركوه ، فكأن موسى -عليه السلام- لما استدل على إثبات الصانع{[24776]} بالدلالة القاطعة قَدَح فرعونُ في تلك الدلالة بقوله : إنْ كانَ الأمرُ على ما ذكرت من قوة{[24777]} الدلالة وجب على أهل القرون الماضية أن لا يغفلوا عنها{[24778]} . فعارض الحجة بالتقليد .

الثاني : أنَّ موسى -عليه السلام-{[24779]} لما هدده بالعذاب{[24780]} في قوله : { أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى } قال فرعون : { قَالَ فَمَا بَالُ القرون الأولى } فإنها كذبت ولم يعذبوا ؟

الثالث : وهو الأظهر ، وأن فرعون لما قال : { فَمَن رَّبُّكُمَا يا موسى }{[24781]} فذكر موسى -عليه السلام- دليلاً ظاهراً على صحة دعواه فقال : { رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى } خاف فرعون أن يزيد في تلك الحجة ، فيظهر للناس صدقه ، وفساد طريق{[24782]} فرعون ، فأراد أن يصرفه عن ذلك الكلام ، ويشغله بالحكايات فقال : { فَمَا بَالُ القرون الأولى }

51


[24770]:اللسان (بول).
[24771]:انظر البغوي 5/436.
[24772]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/66 ـ 67 بتصرف يسير.
[24773]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[24774]:في ب: ظاهر. وهو تحريف.
[24775]:الأولى: سقط من ب.
[24776]:في ب: لما استدل بوجود الصانع أعني على إثبات الصانع والزيادة تبدو من كلام الناسخ.
[24777]:في ب: بقوة. وهو تحريف.
[24778]:في الأصل: عنه وهو تحريف.
[24779]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[24780]:في ب: في العذاب. وهو تحريف.
[24781]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[24782]:طريق: سقط من ب.