محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ} (51)

{ قَالَ } أي فرعون { فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى } أي ما حال القرون السالفة وما جرى عليهم ؟ وهذا السؤال إما لصرف موسى عليه السلام عما يدعوه إليه أمام ملئه ، وإشغاله بما لا يعني ما أرسل به ، وإما لتوهم أن الرسول يعلم الغيب ، فأراد أن يقف على نبأ ما مضى ، ويفتح بابا للتخطئة والتكذيب ، بالعناد واللجاج . فأجابه موسى عليه السلام بأن هذا السؤال عن الغيب وقد استأثر الله به . فلا يعلمه إلا هو . وليس من وظيفة الرسالة . وإنما علمها مكتوب في اللوح المحفوظ ، محصى غير منسي . ويجوز أن يكون { في كتاب } تمثيلا لتمكنه وتقريره في علم الله عز وجل ، بما استحفظه العالم وقيده بالكتبة . قال في ( العناية ) : فيشبه علمه تعالى بهما علما ثابتا لا يتغير ، بمن علم شيئا وكتبه في جريدته ، حتى لا يذهب أصلا ، فيكون قوله : { لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى } ترشيحا للتمثيل ، واحتراسا أيضا . لأن من يفعله لخوف النسيان . والله تعالى منزه عنه . ف ( الكتاب ) على هذا بمعناه اللغوي . وهو الدفتر ، لا اللوح المحفوظ .