وقوله : { فَذِلَكَ الّذِي يَدُعّ الْيَتِيمَ } يقول : فهذا الذي يكذّب بالدين ، هو الذي يدفع اليتيم عن حقه ، ويظلمه . يقال منه : دَعَعْت فلانا عن حقه ، فأنا أدعّه دعّا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، { فَذِلكَ الّذِي يَدُعّ الْيَتِيمَ } قال : يدفع حق اليتيم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : { يَدُعّ الْيَتِيمَ } قال : يدفع اليتيم فلا يُطعمه .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { فَذَلِكَ الّذِي يَدُعّ الْيَتِيمَ } : أي يَقْهَره ويظلمه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { يَدُعّ الْيَتِيمَ } قال : يقهره ويظلمه .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { يَدُعّ الْيَتِيمَ } قال : يقهره .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان في قوله : { يَدُعّ الْيَتِيمَ } قال : يدفعه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أخبر عن المكذب بالدين ، فقال : { فذلك الذي يدع اليتيم } يعني يدفعه عن حقه ، فلا يعطيه ، نظيرها : { يوم يدعون إلى نار جهنم } [الطور :13].
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فهذا الذي يكذّب بالدين ، هو الذي يدفع اليتيم عن حقه ، ويظلمه ... عن مجاهد ، في قول الله : { يَدُعّ الْيَتِيمَ } قال : يدفع اليتيم فلا يُطعمه ...
عن قتادة { فَذَلِكَ الّذِي يَدُعّ الْيَتِيمَ } : أي يَقْهَره ويظلمه .
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{ فَذَلِكَ الذي } يكذب بالجزاء ، هو الذي { يَدُعُّ اليتيم } أي : يدفعه دفعاً عنيفاً بجفوة وأذى ، ويردّه ردّاً قبيحاً بزجر وخشونة .
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم قال تعالى : { فذلك الذي يدعُّ اليتيم } أي ارقب فيه هذه الخلال السيئة تجدها . ودع اليتيم : دفعه بعنف ، وذلك إما أن يكون المعنى عن إطعامه والإحسان إليه ، وإما أن يكون عن حقه وماله ، فهذا أشد ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{ فذلك } أي البغيض البعيد من كل خير { الذي يدع } أي يدفع دفعاً عنيفاً بغاية القسوة { اليتيم } ويظلمه ولا يحث على إكرامه ؛ لأن الله تعالى نزع الرحمة من قلبه ، ولا ينزعها إلا من شقي ؛ لأنه لا حامل على الإحسان إليه إلا الخوف من الله سبحانه وتعالى ، فكان التكذيب بجزائه سبباً للغلظة عليه .
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
( فذلك الذي يدع اليتيم . ولا يحض على طعام المسكين ) ! وقد تكون هذه مفاجأة بالقياس إلى تعريف الإيمان التقليدي . . ولكن هذا هو لباب الأمر وحقيقته . . إن الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم دفعا بعنف - أي الذي يهين اليتيم ويؤذيه .
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
المنافق ينهر اليتيم: هل تريد أن تكتشفه فلا يخفى عليك أمره ، ولا يغش الناس بنفاقه ؟ { فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ } فلا يخاف الله ، ولا يتقيه في أمره ، فتراه يدفعه بعنف ، ويردّه بقسوة ، ويجفوه بشدّة ، من دون خوف من عذاب الله ؛ لأنه لا ينظر إلى الأمور من خلال نتائجها الأخروية ليمنعه ذلك عن التصرف السيّء الذي ينذر بالعاقبة السيئة في الآخرة ؛ بل ينظر إلى الأمور من خلال نتائجها الدنيوية الخاضعة في حساباتها لموازين القوّة والضعف ، ما يجعله يهاب الأقوياء ويستضعف الضعفاء .
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
«الدين » هنا «الجزاء » أو يوم الجزاء ، وإنكار يوم الجزاء له عواقبه الوخيمة ، وانعكاسات على أعمال الإنسان . وفي هذه السّورة ذكرت خمسة آثار لهذا الإنكار منها : «طرد اليتيم ، وعدم الحثّ على إطعام المسكين » . أي إنّ الشخص المنكر للمعاد لا يطعم المساكين ، ولا يدعو الآخرين إلى إطعامهم . واحتمل بعض أن يكون المقصود من الدين هنا القرآن أو الإسلام . والمعنى الأوّل أنسب . ونظيره ورد في قوله تعالى : { كلاّ بل تكذبون بالدين } وقوله سبحانه : { ما يكذّبك بعد بالدين } . وفي هذه الآيات ورد «الدين » بمعنى يوم الجزاء أيضاً بقرينة الآيات الأُخرى . «يدع » أي يدفع دفعاً شديداً ، ويطرد بخشونة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.