إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَذَٰلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلۡيَتِيمَ} (2)

والفاءُ في قولِه تعالَى : { فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم } جوابُ شرطٍ محذوفٍ على أنَّ ذلكَ مُبتدأٌ والموصولُ خبرُهُ ، والمَعْنى هَلْ عرفتَ الذي يكذبُ بالجزاءِ أو بالإسلامِ إنْ لَمْ تعرفْهُ ، أو إنْ أردتَ أنْ تعرفَهُ ، فهُوَ الذي يدفعُ اليتيمَ دفعاً عنيفاً ، ويزجرُهُ زَجْراً قَبيحاً . ووضعُ اسمِ الإشارةِ المتعرضِ لوصفِ المشارِ إليهِ موضعَ الضميرِ للإشعارِ بعلةِ الحكمِ ، والتنبيهِ بمَا فيهِ من مَعْنى البُعدِ على بُعْدِ منزلتِهِ في الشرِّ والفسادِ . قيلَ : هُوَ أبُو جهلٍ ، كانَ وصياً ليتيمٍ فأتاهُ عُرياناً يسألُهُ من مالِ نفسِه فدفعَهُ دفعاً شنيعاً ، وقيلَ : أبُو سفيانَ نحرَ جزوراً فسألَهُ يتيمٌ لحماً فقرعَهُ بعصاهُ ، وقيلَ : هُوَ الوليدُ بنُ المُغِيرَةِ ، وقيلَ : هُوَ العَاصُ بنُ وائلٍ السَّهْمِيُّ ، وقيلَ : هُوَ رجُلٌ بخيلٌ مِنَ المنافقينَ ، وقيلَ : الموصولُ على عمومِهِ . وقُرِئَ يَدَعُ اليتيمَ أيْ يتركُه ويجفُوهُ .