هو الذي { يدع اليتيم } : أي يدفعه دفعاً عنيفاً بجفوة أو أذى ، { ولا يحض } : أي ولا يبعث أهله على بذل الطعام للمسكين .
جعل علم التكذيب بالجزاء ، منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف ، انتهى .
وقرأ الجمهور : { يدع } بضم الدال وشد العين ؛ وعليّ والحسن وأبو رجاء واليماني : بفتح الدال وخف العين ، أي يتركه بمعنى لا يحسن إليه ويجفوه .
وقال الزمخشري : بعد أن قدم فيما نقلناه من كلامه ما يدل على أن { فذلك الذي يدع } في موضع رفع ، قال : وطريقة أخرى أن يكون { فذلك } عطفاً على { الذي يكذب } ، إما عطف ذات على ذات ، أو عطف صفة على صفة ، ويكون جواب { أرأيت } محذوفاً لدلالة ما بعده عليه ، كأن قال : أخبرني وما تقول فيمن يكذب بالجزاء ، وفيمن يؤذي اليتيم ولا يطعم المسكين ، أنعم ما يصنع ؟ ثم قال : { فويل للمصلين } : أي إذا علم أنه مسيء ، { فويل للمصلين } على معنى : فويل لهم ، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم لأنهم كانوا مع التكذيب ، وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين غير مزكين أموالهم .
فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائماً مقام ضمير { الذي يكذب } ، وهو واحد ؟ قلت : معناه الجمع ، لأن المراد به الجنس ، انتهى .
فجعل فذلك في موضع نصب عطفاً على المفعول ، وهو تركيب غريب ، كقولك : أكرمت الذي يزورنا فذلك الذي يحسن إلينا ، فالمتبادر إلى الذهن أن فذلك مرفوع بالابتداء ، وعلى تقدير النصب يكون التقدير : أكرمت الذي يزورنا فأكرمت ذلك الذي يحسن إلينا .
فاسم الإشارة في هذا التقدير غير متمكن تمكن ما هو فصيح ، إذ لا حاجة إلى أن يشار إلى الذي يزورنا ، بل الفصيح أكرمت الذي يزورنا فالذي يحسن إلينا ، أو أكرمت الذي يزورنا فيحسن إلينا .
وأما قوله : إما عطف ذات على ذات فلا يصح ، لأن فذلك إشارة إلى الذي يكذب ، فليسا بذاتين ، لأن المشار إليه بقوله : { فذلك } هو واحد .
وأما قوله : ويكون جواب { أرأيت } محذوفاً ، فلا يسمى جواباً ، بل هو في موضع المفعول الثاني لأرأيت .
وأما قوله : أنعم ما يصنع ، فهمزة الاستفهام لا نعلم دخولها على نعم ولا بئس ، لأنهما إنشاء ، والاستفهام لا يدخل إلى على الخبر .
وأما وضعه المصلين موضع الضمير ، وأن المصلين جمع ، لأن ضمير الذي يكذب معناه الجمع ، فتكلف واضح ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلا على ما اقتضاه ظاهر التركيب ، وهكذا عادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.