معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (6)

قوله تعالى : { وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين } جاحدين ، بيانه قوله : { تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون } ( القصص-63 ) .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (6)

ثم بين ما يكون بين العابدين من عداوة يوم القيامة فقال : { وَإِذَا حُشِرَ الناس كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } .

أى : وإذا جمع الله - تعالى - الناس للحساب والجزاء يوم القيامة ، صار الكفار مع من بعدوهم من دون الله أعداء ، يلعن بعضهم بعضا ، { وَكَانُواْ } أى : المعبودن { بِعِبَادَتِهِمْ } أى بعبادة الكفر إياهم { كَافِرِينَ } أى : جاحدين مكذبين .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - : { واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } .

وقوله - سبحانه - : { وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم مِّن دُونِ الله أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الحياة الدنيا ثُمَّ يَوْمَ القيامة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النار وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (6)

ثم إذا كان يوم القيامة وحشر الناس إلى ربهم ، تبرأ هؤلاء وهؤلاء من عبادهم الضالين . حتى الشيطان كما جاء في سورة أخرى : ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ، ووعدتكم فأخلفتكم ، وما كان لي عليكم من سلطان ، إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي . فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي . إني كفرت بما أشركتمون من قبل . إن الظالمين لهم عذاب أليم ) . .

وهكذا يقفهم القرآن وجها لوجه أمام حقيقة دعواهم ومآلها في الدنيا والآخرة . بعدما وقفهم أمام الحقيقة الكونية التي تنكر هذه الدعوى وترفضها . وفي كلتا الحالتين تبرز الحقيقة الثابتة . حقيقة الوحدانية التي ينطق بها كتاب الوجود ، وتوجبها مصلحة المشركين أنفسهم ، ويلزمهم بها النظر إلى مآلهم في الدنيا والآخرة .

وإذا كان القرآن يندد بضلال من يدعون من دون الله آلهة لا يستجيبون لهم إلى يوم القيامة ؛ وكان هذا يعني المعبودات التاريخية التي عرفتها الجماعات البشرية عند نزول هذا القرآن ، فإن النص أوسع مدلولا وأطول أمدا من ذلك الواقع التاريخي . فمن أضل ممن يدعو من دون الله أحدا في أي زمان وفي أي مكان ? وكل أحد - كائنا من كان - لا يستجيب بشيء لمن يدعوه ، ولا يملك أن يستجيب . وليس هناك إلا الله فعال لما يريد . . إن الشرك ليس مقصورا على صوره الساذجة التي عرفها المشركون القدامى . فكم من مشركين يشركون مع الله ذوي سلطان ، أو ذوي جاه ، أو ذوي مال ؛ ويرجون فيهم ، ويتوجهون إليهم بالدعاء . وكلهم أعجز من أن بستجيبوا لدعاتهم استجابة حقيقية . وكلهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا . ودعاؤهم شرك . والرجاء فيهم شرك . . والخوف منهم شرك . ولكنه شرك خفي يزاوله الكثيرون ، وهم لا يشعرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (6)

وقوله تعالى : { كانوا لهم أعداء } وصف لما يكون يوم القيامة بين الكفار وأصنامهم من التبري والمناكرة ، وقد بين ذلك في غير هذه الآية . وذلك قوله تعالى حكاية عنهم : { تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون }{[10295]} [ القصص : 63 ] .


[10295]:من الآية(63) من سورة(القصص).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (6)

وعطف جملة { وإذا حشر الناس } الخ على ما قبلها لمناسبة ذكر يوم القيامة . ومن بديع تفنن القرآن توزيع معاد الضمائر في هذه الآية مع تماثلها في اللفظ وهذا يتدرج في محسِّن الجمع مع التفريق وأدق .