روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ} (6)

{ وَإِذَا حُشِرَ الناس } عند قيام القيامة { كَانُواْ } أي المعبودون { لَهُمْ } أي العابدين { أَعْدَاء } شديدي العداوة { وَكَانُواْ } أي المعبودون أيضاً { بِعِبَادَتِهِمْ } أي بعبادة الكفرة إياهم { كافرين } مكذبين ، والأمر ظاهر في ذوي العقول . وأما في الأصنام فقد روي أن الله تعالى يخلق لها إدراكاً وينطقها فتتبرأ عن عبادتهم وكذا تكون أعداء لهم ، وجوز كون تكذيب الأصنام بلسان الحال لظهور أنهم لا يصلحون للعبادة وأنهم لا نفع لهم كما توهموه أولاً حيث قالوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى الله } [ الزمر : 3 ] ورجوا الشفاعة منهم . وفسرت العداوة بالضر على أنها مجاز مرسل عنه فمعنى { كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاء } كانوا لهم ضارين ، وما ذكرناه في بيان الضمائر هو الظاهر ، وقيل : ضمير { هُمْ } المرفوع البارز والمستتر في قوله تعالى : { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غافلون } [ الأحقاف : 5 ] للكفرة الداعين وضمير { دُعَائِهِمْ } لهم أو للمعبودين ، والمعنى أن الكفار عن ضلالهم بأنهم يدعون من لا يستجيب لهم غافلون لا يتأملون ما عليهم في ذلك ، وفيه من ارتكاب خلاف الظاهر ما فيه ، وفي الضمائر بعد نحو ذلك ، والمعنى إذا حشر الناس كان الكفار أعداء لآلهتهم الباطلة لما يرون من ترتب العذاب على عبادتهم إياها وكانوا لذلك منكرين أنهم عبدوا غير الله تعالى كما حكى الله تعالى عنهم أنهم يقولون : { والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] وتعقب بأن السياق لبيان حال الآلهة معهم لا عكسه ، ولأن كفرهم حينئذٍ إنكار لعبادتهم وتسميته كفراً خلاف الظاهر .