معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

قوله عز وجل :{ ويوم نحشرهم } قرأ يعقوب وحفص : يحشرهم ، ويقول بالياء فيهما ، وقرأ الآخرون بالنون ، { جميعا } يعني : هؤلاء الكفار ، { ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } في الدنيا ، قال قتادة : هذا استفهام تقرير ، كقوله تعالى لعيسى : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } فتتبرأ منهم الملائكة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

ثم بين - سبحانه - حال أولئك المشركين يوم القيامة ، وكيف أن الملائكة يكذبونهم فى مزاعمهم ، فقال - تعالى - : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً . . . . كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } .

أى : واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ { يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } أى : يجمع الله - سبحانه - الكافرين جميعا . الذين استضعفوا فى الدنيا والذين استكبروا .

{ ثُمَّ يَقُولُ } - عز وجل - { لِلْمَلاَئِكَةِ } على سبيل التبكيت والتقريع للمشركين { أهؤلاء } الكافرون { إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } أى : أهؤلاء كانوا يبعدونكم فى الدنيا . وأنتم رضيتم بذلك .

و { هؤلاء } مبتدأ ، وخبره { كَانُواْ يَعْبُدُونَ } و { إِيَّاكُمْ } مفعول يعبدون .

وتخصيص الملائكة بالخطاب مع أن من الكفار من كان يعبد الأصنام ، ومن كان يعبد غيرها ، لأن المقصود من الخطاب حكاية ما يقوله الملائكة فى الرد عليهم .

قال صاحب الكشاف : هذا الكلام خطاب للملائكة . وتقريع للكفار وارد على المثل السائر : إياك أعنى واسمعى يا جارة ، ونحوه قوله - تعالى - لعيسى : { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله } وقد علم - سبحانه - كون الملائكة وعيسى ، منزهين برآه مما وجه عليهم من السؤال ، والغرض أن يقول ويوقلوا ، ويسأل وجيبوا ، فيكون التقريع للمشركين أشد ، والتعبير أبلغ ، وهوانهم ألزم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

28

ويختم هذه الجولة بمشهدهم محشورين يوم القيامة ، حيث يواجههم الله سبحانه بالملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ؛ ثم يذوقون عذاب النار الذي كانوا يستعجلون به ، ويقولون متى هذا الوعد ? كما جاء في أول هذا الشوط :

( ويوم يحشرهم جميعاً ، ثم يقول للملائكة : أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ? قالوا : سبحانك أنت ولينا من دونهم . بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون . فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً ، ونقول للذين ظلموا : ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ) . .

فهؤلاء هم الملائكة الذين كانوا يعبدونهم من دون الله ، أو يتخذونهم عنده شفعاء . هؤلاء هم يواجهون بهم ، فيسبحون الله تنزيهاً له من هذا الادعاء ، ويتبرأون من عبادة القوم لهم . فكأنما هذه العبادة كانت باطلاً أصلاً ، وكأنما لم تقع ولم تكن لها حقيقة . إنما هم يتولون الشيطان . إما بعبادته والتوجه إليه ، وإما بطاعته في اتخاذ شركاء من دون الله . وهم حين عبدوا الملائكة إنما كانوا يعبدون الشيطان ! ذلك إلى أن عبادة الجن عرفت بين العرب ؛ وكان منهم فريق يتوجه إلى الجن بالعبادة أو الاستعانة : ( بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) . . ومن هنا تجيء علاقة قصة سليمان والجن بالقضايا والموضوعات التي تعالجها السورة ، على طريقة سياقة القصص في القرآن الكريم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

هذه آية وعيد للكفار ، والمعنى واذكر يوم نحشرهم ، وقرأ جمهور القراء «نحشرهم جميعاً ثم نقول » بالنون فيهما ، ورواها أبو بكر عن عاصم ، وقرأ حفص عن عاصم «ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول » بالياء فيهما ، وذكرها أبو حاتم عن أبي عمرو ، والقول للملائكة هو توقيف تقوم منه الحجة على الكفار عبدتهم وهذا نحو قوله تعالى لعيسى عليه السلام { أأنت قلت للناس }{[9670]} [ المائدة : 116 ] .


[9670]:من الآية(116) من سورة (المائدة).