اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

قوله : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ } وقد تقدم أنه يقرأ بالنون والياء{[44754]} في الأنعام{[44755]} .

قوله : { أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } إياكم منصوب{[44756]} بخبر «كان »{[44757]} قدم لأجل الفواصل والاهتمام{[44758]} . واستدل به على جواز تقديم خبر «كان » عليها إذا كان خبرها جملة فإن فيه خلافاً جوزه ابنُ السراج{[44759]} ، ومنعه غيره{[44760]} وكذلك اختلفوا في توسطه إذا كان جملة . قال ابن السِّرِّاج : القياس جوازه لكن لم يسمع{[44761]} .

قال شهاب الدين : قد تقدم في قوله : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } [ الأعراف : 19 ] ونحوه أنه يجوز أن يكون من تقديم الخبر وأن لا يكون . ووجه الدلالة هنا أن تقديم المعمول مُؤْذِنٌ بتقديم العامل . وتقدم تحقيق هذا في «هُودٍ » في قوله تعالى : { أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } [ هود : 8 ] ( و ) وضع هذه القاعدة .

فصل

لما بين أن حال النبي - عليه الصلاة والسلام{[44762]} - كحال من تقدمه من الأنبياء وحال قومه حال من تقدّم{[44763]} من الكفار وبين بطلان استدلالهم بكثرة أموالهم{[44764]} وأولادهم بين ما يكون عاقبة حالهم فقال : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني المكذبين بك «ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ » الذين يدعون أنهم يعبدونهم فإن غاية ما ترتقي{[44765]} إليه منزلتهم أنهم يقولون : نحن نعبد الملائكة والكواكب قال قتادة : هذا استفهام تقرير كقوله تعالى لعيسى { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين } [ المائدة : 116 ] فيقول : «( أَ ){[44766]} هَؤُلاَءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ »


[44754]:قراءة حفص ويعقوب بالياء والباقون بالنون انظر: البحر المحيط 7/286 والدر المصون 4/451والسبعة 254 و 530 والإتحاف 360 والنشر 2/351 وتقريبه 162 وهي قراءة عشرية متواترة.
[44755]:عند قوله تعالى: {ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون}وهي الآية 22 منها.
[44756]:على المفعول به فهو معمول لخبر كان وهو محل نزاع هل يقدم أم لا كما سنراه الآن.
[44757]:قاله أبو البقاء في التبيان 1070.
[44758]:الدر المصون للسمين 4/452.
[44759]:هو: أبو بكر محمد بن السري المعروف بابن السراج كان أحد الأئمة أخذ عن المبرد وإليه انتهت الرئاسة وعنه الفارسي والزجاجي والرماني له الأصول وغيرها. مات سنة 310 هـ. النزهة 166.
[44760]:انظر: الأصول في النحو لابن السراج 1/49 بالمعنى والهمع للسيوطي 1/117 والبحر لأبي حيان 2877.
[44761]:المراجع السابقة.
[44762]:في (ب) صلى الله عليه وسلم.
[44763]:في (ب) تقديم.
[44764]:في (ب) لكثرة وفي الفخر كما هنا بكثرة.
[44765]:في (ب) يرتقي بالياء.
[44766]:الهمزة سقطت من (ب).