السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ أَهَـٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ} (40)

ولما بين تعالى أن حال النبي صلى الله عليه وسلم كحال من تقدمه من الأنبياء وحال قومه كحال من تقدم من الكفار وبين بطلان استدلالهم بكثرة أموالهم وأولادهم ، بين ما يكون عاقبة حالهم بقوله تعالى : { ويوم يحشرهم } أي : نجمعهم جمعاً بكره بعد البعث وعم التابع والمتبوع بقوله تعالى : { جميعاً } فلم نغادر منهم أحداً ، وقرأ حفص يحشرهم ثم يقول بالياء والباقون بالنون .

ولما كانت مواقف الحشر طويلة وزلازله مهولة قال تعالى : { ثم نقول للملائكة } أي : توبيخاً للكافرين وإقناطاً مما يرجون منهم من الشفاعة { أهؤلاء } أي : الضالون وأشار إلى أنه لا ينفع من العبادة إلا ما كان خالصاً بقوله تعالى : { إياكم } أي : خاصة { كانوا يعبدون } فهذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار وارد على المثل السائر : إياك أعني واسمعي يا جارة ونحوه قوله عز وجل : { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } ( المائدة : 116 ) .