والظرف " إذ " فى قوله - تعالى - : { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالواد المقدس طُوًى } متعلق بلفظ " حديث " والجملة يدل اشتمال مما قبلها .
و " الواد " المكان المنخفض بين جبلين ، أو بين مكانين مرتفعين . و " المقدس " : بمعنى المطهر . و " طوى " اسم للوادى . وقد جاء الحديث عنه فى آيات متعددة ، منها قوله - تعالى - : { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ ياموسى . إني أَنَاْ رَبُّكَ فاخلع نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بالواد المقدس طُوًى } والمعنى : هل بلغك - أيها الرسول الكريم - خبر موسى ، وقت أن ناديناه وهو بالواد المقدس طوى ، الذى هو بجانب الطور الأيمن ، بالنسبة للقادم من أرض مدين التى هى فى شمال الحجاز .
ويدل على ذلك قوله - تعالى - : { فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ . فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ الوادي الأيمن فِي البقعة المباركة مِنَ الشجرة أَن ياموسى إني أَنَا الله رَبُّ العالمين }
ثم تأخذ في عرض الحديث كما تسمى القصة . وهو إيحاء بواقعيتها فهي حديث جرى . فتبدأ بمشهد المناداة والمناجاة : ( إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ) . . وطوى اسم الوادي على الأرجح . وهو بجانب الطور الأيمن بالنسبة للقادم من مدين في شمال الحجاز .
ولحظة النداء لحظة رهيبة جليلة . وهي لحظة كذلك عجيبة . ونداء الله بذاته - سبحانه - لعبد من عباده أمر هائل . أهول مما تملك الألفاظ البشرية أن تعبر . وهي سر من أسرار الألوهية العظيمة ، كما هي سر من أسرار التكوين الإنساني التي أودعها الله هذا الكائن ، وهيأه بها لتلقي ذلك النداء . وهذا أقصى ما نملك أن نقوله في هذا المقام ، الذي لا يملك الإدراك البشري أن يحيط منه بشيء ؛ فيقف على إطاره ، حتى يكشف الله له عنه فيتذوقه بشعوره .
وفي مواضع أخرى تفصيل للمناجاة بين موسى وربه في هذا الموقف . فأما هنا فالمجال مجال اختصار وإيقاعات سريعة .
و «الوادي المقدس » : واد بالشام ، قال منذر بن سعيد : هو بين المدينة ومصر ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش وابن إسحاق : «طِوىً » بكسر الطاء منونة ، ورويت عن عاصم ، وقرأ الجمهور : «طُوى » بضمها ، وأجرى بعض القراء «طوى » وترك إجراءه ابن كثير وأبو عمرو ونافع وجماعة ، وقد تقدم شرح اللفظة في سورة طه{[11607]} .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يقول: بالوادي المطهر اسمه {طوى}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هل أتاك يا محمد حديث موسى بن عمران، وهل سمعت خبره حين ناجاه ربه بالواد المقدّس، يعني بالمقدّس: المطهّر المبارك...
وقد اختلف أهل التأويل في قوله:"طُوًى"؛ فقال بعضهم: هو اسم الوادي...
وقال آخرون: بل معنى ذلك: طَأِ الأرض حافيا...
وقال آخرون: بل معنى ذلك أن الوادي قُدّس طُوًى: أي مرّتين، وقد بيّنا ذلك كله ووجوهه، فيما مضى بما أغني عن إعادته في هذا الموضع...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و «الوادي المقدس»: واد بالشام...
الوادي المقدس: المبارك المطهر، وفي قوله: {طوى} وجوه:
(أحدها): أنه اسم واد بالشام وهو عند الطور الذي أقسم الله به في قوله: {والطور وكتاب مسطور} وقوله:"وناديناه من جانب الطور الأيمن"...
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :
وهو واد في أسفل جبل طور سيناء من برية فلسطين...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
وهو المحل الذي كلمه الله فيه، وامتن عليه بالرسالة، واختصه بالوحي والاجتباء...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم تأخذ في عرض الحديث كما تسمى القصة. وهو إيحاء بواقعيتها فهي حديث جرى. فتبدأ بمشهد المناداة والمناجاة: (إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى).. وطوى اسم الوادي على الأرجح. وهو بجانب الطور الأيمن بالنسبة للقادم من مدين في شمال الحجاز. ولحظة النداء لحظة رهيبة جليلة. وهي لحظة كذلك عجيبة. ونداء الله بذاته -سبحانه- لعبد من عباده أمر هائل. أهول مما تملك الألفاظ البشرية أن تعبر. وهي سر من أسرار الألوهية العظيمة، كما هي سر من أسرار التكوين الإنساني التي أودعها الله هذا الكائن، وهيأه بها لتلقي ذلك النداء. وهذا أقصى ما نملك أن نقوله في هذا المقام، الذي لا يملك الإدراك البشري أن يحيط منه بشيء؛ فيقف على إطاره، حتى يكشف الله له عنه فيتذوقه بشعوره. وفي مواضع أخرى تفصيل للمناجاة بين موسى وربه في هذا الموقف. فأما هنا فالمجال مجال اختصار وإيقاعات سريعة...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
و {إذْ} اسم زمان، واستعمل هنا في الماضي وهو بَدَل من {حديث موسى} بدل اشتمال لأن حديثه يشتمل على كلام الله إياه وغير ذلك...
والواد: المكان المنخفض بين الجبال.
والمقدّس: المطهّر. والمراد به التطهير المعنوي وهو التشريف والتبريك لأجل ما نزل فيه من كلام الله دون توسط ملَك يبلغ الكلام إلى موسى عليه السلام، وذلك تقديس خاص، ولذلك قال الله له في الآية الأخرى {فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس} [طه: 12].
وطُوى: اسم مَكان ولعله هو نوع من الأودية يشبه البئر المطوية، وقد سمي مكان بظاهر مكة ذَا طُوى بضم الطاء وبفتحها وكسرها. وتقدم في سورة طه. وهذا واد في جانب جبل الطور في برية سينا في جانبه الغربي.
وقرأ الجمهور {طُوَى} بلا تنوين على أنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث بتأويل البُقعة، أو للعدل عن طَاوٍ، أو للعجمة. وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف منوناً باعتباره اسم وادٍ مذكَّر اللفظ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.