ثم ذكرهم - سبحانه - بنعمة الحرم الآمن ، الذى يعيشون فى جواره مطمئنين ، فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ الناس مِنْ حَوْلِهِمْ } .
أى : أجهل هؤلاء قيمة النعمة التى هم فهيا ، ولم يدركوا ويشاهدوا أنا جعلنا بدلهم مكة حرماً آمناً ، يأمنون فيه على أموالهم وأنفسهم وأعراضهم ، والحال أن الناس من حرولهم يقتل بعضهم بعضاً ، ويعتدى بعضهم على بعض بسرعة وشدة . والتخطف : الأخذ بسرعة .
قال صاحب الكشاف : كانت العرب حول مكة يغزو بعضهم بعضاً ، ويتغورون ، ويتناهبون ، وأهل مكة قارون فيها آمنون لا يغار عليهم مع قلتهم وكثرة العرب ، فذكرهم الله بهذه النعمة الخاصة بهم .
والاستفهام فى قوله - تعالى - : { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ الله يَكْفُرُونَ } للتعجب من حالهم ، وللتوبيخ لهم على هذا الجحود والكفر لنعم الله - تعالى - أى : أفبعد هذه النعمة الجليلة يؤمنون بالأصنام وبنعمة الله التى تستدعى استجابتهم للحق يكفرون .
فالآية الكريمة قد اشتملت على ما لا يقادر قدره ، من تعجب وتوبيخ وتقريع .
ثم يذكرهم بنعمة الله عليهم في إعطائهم هذا الحرم الآمن الذي يعيشون فيه ؛ فلا يذكرون نعمة الله ولا يشكرونها بتوحيده وعبادته . بل إنهم ليروعون المؤمنين فيه :
أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ? أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ? . .
ولقد كان أهل الحرم المكي يعيشون في أمن ، يعظمهم الناس من أجل بيت الله ، ومن حولهم القبائل تتناحر ، ويفزع بعضهم بعضا ، فلا يجدون الأمان إلا في ظل البيت الذي آمنهم الله به وفيه . فكان عجيبا أن يجعلوا من بيت الله مسرحا للأصنام ، ولعبادة غير الله أيا كان ! ( أفبالباطل يؤمنون ? وبنعمة الله يكفرون ? )
يقول تعالى ممتنا على قريش فيما أحلهم من حرمه ، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والبادي ، ومن دخله كان آمنا ، فهم في أمن عظيم ، والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا ، كما قال تعالى : { لإيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ . فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } [ قريش : 1 - 4 ] .
وقوله : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ } أي : أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به ، وعبدوا معه [ غيره من ]{[22694]} الأصنام والأنداد ، و { بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } [ إبراهيم : 28 ] ، وكفروا بنبي الله وعبده ورسوله ، فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله ، وألا يشركوا به ، وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره ، فكذبوه وقاتلوه وأخرجوه من بين ظهرهم ؛ ولهذا سلبهم الله ما كان أنعم به عليهم ، وقتل من قتل منهم ببدر ، وصارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ففتح الله على رسوله مكة ، وأرغم آنافهم وأذل رقابهم .
وقوله : أوَ لَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَما آمِنا يقول تعالى ذكره مذكرا هؤلاء المشركين من قريش ، القائلين : لولا أنزل عليه آية من ربه ، نِعْمَتَه عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الاَلهة والأنداد : أو لم ير هؤلاء المشركون من قريش ، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم دون سائر عبادنا ، فيشكرونا على ذلك ، وينزجروا عن كفرهم بنا ، وإشراكهم ما لا ينفعنا ولا يضرّهم في عبادتنا أنا جعلنا بلدهم حرما ، حرّمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب ، آمنا ، يأمن فيه من سكنه ، فأوى إليه من السباء والخوف والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس وَيُتَخَطّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ يقول : وتُسْلَب الناس من حولهم قتلاً وسباء . كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، في قوله أو لَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَما آمِنا وَيُتَخَطّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ قال : كان لهم فِي ذلك آية أن الناس يُغزَون ويُتَخَطّفون وهم آمنون .
وقوله : أفَبالباطِلِ يُؤْمِنُونَ يقول : أفبالشرك بالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا ، وبنعمة الله التي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون ، يعني بقوله «يكفرون » : يجحدون . كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله أفَبالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ : أي بالشرك وَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَكْفُرُونَ : أي يجحدون .
{ أو لم يروا } يعني أهل مكة . { أنا جعلنا حرما آمنا } أي جعلنا بدلهم مصونا عن النهب والتعدي آمنا أهله عن القتل والسبي . { ويتخطف الناس من حولهم } يختلسون قتلا وسبيا إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب . { أفبالباطل يؤمنون } أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها مما لا يقدر عليه إلا الله يؤمنون بالصنم أو الشيطان . { وبنعمة الله يكفرون } حيث أشركوا به غيره وتقديم الصلتين للاهتمام أو الاختصاص على طريق المبالغة .
ثم عدد تعالى على كفار قريش نعمته عليهم في الحرم في أنه جعله لهم آمناً لا خوف فيه من أحوال العرب وغارتهم وسوء أفعالهم من القتل وأخذ الأموال ونحوه ، وذلك هو «التخطف » الذي كان الناس بسبيله ، ثم قررهم على جهة التوبيخ على إيمانهم بالباطل وكفرهم بالله وبنعمته ، وقرأ جمهور القراء «يؤمنون » بالياء من تحت وكذلك «يكفرون » ، وقرأهما بالتاء من فوق الحسن وأبو عبد الرحمن .
هذا تذكير خاص لأهل مكة وإنما خُصُّوا من بين المشركين من العرب لأن أهل مكة قدوة لجميع القبائل ؛ ألا ترى أن أكثر قبائل العرب كانوا ينتظرون ماذا يكون من أهل مكة فلما اسلم أهل مكة يومَ الفتح أقبلت وفود القبائل معلنة إسلامهم . والجملة معطوفة على جملة { فإِذَا رَكبوا فِي الفُلك دَعُوا الله } [ العنكبوت : 65 ] باعتبار ما اشتملت عليه تلك الجملة من تقريعهم على كفران نعم الله تعهالى ، ولذلك عقبت هذه الجملة بقولة { وبنعمة الله يكفرون } والاستفهام إِ ، كاري ، وجعلت نعمة أمن بلدهم كالشيء المشاهد فأنكر عليهم عدم رؤيته ، فقوله { أنا جعلنا حرماً آمناً } مفعول { يَرُوا } ومعنى هذه الآية يعلم مما تقدم عند الكلام على قوله تعالى : { وَقَالُوا إنْ نَتَّبِعْ الهُدَى معَكَ نُتخَطَّفْ من أرْضِنَا أوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حرَماً آمِناً } في سورة [ القصص : 57 ] ، وقد كان أهل مكة في بحبوحة من الأمن وكان غيرهم من القبائل حول مكة وما بعدُ منها يغزو بعضهم بعضاً ويتغاورون ويتناهون ، وأهل مكة آمنون لا يعدو عليهم أحد مع قتلهم ، فذكرهم الله هذه النعمة عليهم والباطل : هو الشرك كما تقدم عند قوله تعالى { والذين آمنوا بالباطل } في هذه السورة العنكبوت [ 52 ] . و ( نِعْمَةَ الله ) المراد بها الجنس الذي منه إنجاؤهم من الغرق وما عداه من النِعم المحسوسة المعروفة ، ومن النِعم الخفية التي لو تأملوا لأدركوا عظمها ، ومنها نعمة الرسالة المحمدية . والمضارع في المواضع الثلاثة دال على تجدّد الفعل .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{أولم يروا} يعني كفار مكة، يعظهم ليعتبروا {أنا جعلنا حرما ءامنا ويتخطف الناس من حولهم} فيقتلون ويسبون فأدفع عنهم، وهم يأكلون رزقي ويعبدون غيري، فلست أسلط عليهم عدوهم إذا أسلموا... ثم بين لهم ما يعبدون، فقال سبحانه: {أفبالباطل يؤمنون}؟ يعني أفبالشيطان يصدقون أن لله تعالى شريكا، {وبنعمة الله} الذي أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف {يكفرون} فلا يؤمنون برب هذه النعمة، فيوحدونه عز وجل...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"أوَ لَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَما آمِنا" يقول تعالى ذكره مذكرا هؤلاء المشركين من قريش، القائلين: لولا أنزل عليه آية من ربه، نِعْمَتَه عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد: أو لم ير هؤلاء المشركون من قريش، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعنا ولا يضرّهم في عبادتنا أنا جعلنا بلدهم حرما، حرّمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب، "آمنا"، يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السباء والخوف والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس،
"وَيُتَخَطّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ "يقول: وتُسْلَب الناس من حولهم قتلاً وسباء...
وقوله: "أفَبالباطِلِ يُؤْمِنُونَ" يقول: أفبالشرك بالله يقرّون بألوهة الأوثان بأن يصدّقوا، وبنعمة الله التي خصهم بها من أن جعل بلدهم حرما آمنا يكفرون، يعني بقوله «يكفرون»: يجحدون.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
قد ذكرنا في غير موضع أن الاستفهام من الله يخرج مخرج الإلزام والإيجاب، أو يخرّج مخرج الخبر، لا على حقيقة الاستفهام لأنه عالم بذاته، يعلم ما في باطنهم وظاهرهم وما يسرون وما يعلنون بما كان، ويكون لا يستفهم عباده، ولكنه يخرّج على الخبر أو على الإلزام والإيجاب. فالخبر كأنه يقول: قد رأوا، وعلموا أن الله جعل الحرم مأمنا لهم، يأمنون فيه، وكان الناس من حولهم يتخطفون، ويخافون. والإلزام والإيجاب أن يقول لهم: اعلموا أن الله جعل الحرم لكم مأمنا، تأمنون فيه وكان الناس من حولكم على خوف يسلبون، ويسبون، ويقتلون.
ثم يخرّج تذكيره إياهم هذا على وجهين:
أحدهما: أن الله قد جعل لكم الحرم مأمنا تأمنون فيه لتعظيمكم حرم الله وبيته، والناس من حولكم على خوف، وأنتم تشاركون من حولكم في الدين، فكيف تخافون الاختطاف والاستلاب إذا دنتم بدينه، واتبعتم رسوله؟ فإذ أمّنكم بكونكم في حرم الله وتعظيمكم بيته، ودفع عنكم الاستلاب والاختطاف، فكيف تخافون ذلك إذا دنتم بدينه، واتبعتم أمره؟ بل الأمن والسعة إذا دنتم بدينه، فأتبعتم أمره، أكثر، وأحق.
فكأنهم إنما تركوا إتباع دينه خوفا من الاختطاف بقولهم: {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} فقال لهم: {أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء} [القصص: 57].
والثاني: يذكر هذا لهم: أنه قد أمّنكم وصرف عنكم مع عبادتكم الأصنام وصرفكم الشكر إليها عنه كل مكروه وسوء بكونكم في مجاورة بيته وحرمه. فإذا صرفتم العبادة إليه، وشكرتم نعمه حق أن يؤمّنكم، ويوسّع عليكم نعمه ويدفع عنكم ما لم يدفع عمن حولكم، وأنتم شركاؤهم في عبادة الأصنام واتخاذكم إياها آلهة.
وقوله تعالى: {وبنعمة الله يكفرون} أي بما أوحى إليكم محمد من الله يكفرون، أو أن تكون النعمة ههنا، هي محمد صلى الله عليه وسلم...
التفسير ظاهر، وإنما الدقيق وجه تعلق الآية بما قبلها، فنقول: الإنسان في البحر يكون على أخوف ما يكون، وفي بيته يكون على آمن ما يكون، لاسيما إذا كان بيته في بلد حصين، فلما ذكر الله المشركين حالهم عند الخوف الشديد ورأوا أنفسهم في تلك الحالة راجعة إلى الله تعالى، ذكرهم حالهم عند الأمن العظيم وهي كونهم في مكة فإنها مدينتهم وبلدهم وفيها سكناهم ومولدهم، وهي حصين بحصن الله حيث كل من حولها يمتنع من قتال من حصل فيها، والحصول فيها يدفع الشرور عن النفوس ويكفها، يعني أنكم في أخوف ما كنتم دعوتم الله وفي آمن ما حصلتم عليه كفرتم بالله، وهذا متناقض لأن دعاءكم في ذلك الوقت على سبيل الإخلاص ما كان إلا لقطعكم بأن النعمة من الله لا غير، فهذه النعمة العظيمة التي حصلت وقد اعترفتم بأنها لا تكون إلا من الله كيف تكفرون بها؟ والأصنام التي قطعتم في حال الخوف أن لا أمن منها كيف آمنتم بها في حال الأمن؟...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان قد فعل بهم سبحانه من الأمن الشديد المديد في البر دون سائر العرب عكس ما ذكر من حال خوفهم الشديد في البحر، وكان قادراً على إخافتهم في البر كما قدر على إخافتهم في البحر ليدوم إخلاصهم، وكان كفرهم عند الأمن بعد الإخلاص عند الخوف -مع أنه أعظم النقائص- هزلاً لا يفعله إلا من أمن مثل تلك المصيبة في البر، توجه الإنكار في نحو أن يقال: ألم يروا أنا قادرون على إخافتهم وإهلاكهم في البر كما نحن قادرون على ذلك في البحر كما فعلنا بغيرهم، فعطف عليه قوله: {أولم يروا}...
{يتخطف} بناه للمفعول لأن المقصود الفعل لا فاعل معين. ولما كان التخطف غير خاص بناس دون آخرين، بل كان جميع العرب يغزو بعضهم بعضاً، ويغير بعضهم على بعض بالقتل والأسر والنهب وغير ذلك من أنواع الأذى، قال: {الناس من حولهم} أي من حول من فيه من كل جهة تخطفَ الطيور مع قلة من بمكة وكثر من حولهم، فالذي خرق العادة في فعل ذلك حتى صار على هذا السنن قادر على أن يعكس الحال فيجعل من بالحرم متخطفاً ومن حوله آمناً، أو يجعل الكل في الخوف على منهاج واحد.
ولما تبين أنه لا وجه لشركهم ولا لكفرهم هذه النعمة الظاهرة المكشوفة، تسبب الإنكار في قوله: {أفبالباطل يؤمنون}.
{يكفرون} حيث جعلوا موضع شكرهم له على النجاه شركهم بعبادة غيره...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
هذا تذكير خاص لأهل مكة وإنما خُصُّوا من بين المشركين من العرب لأن أهل مكة قدوة لجميع القبائل؛ ألا ترى أن أكثر قبائل العرب كانوا ينتظرون ماذا يكون من أهل مكة فلما أسلم أهل مكة يومَ الفتح أقبلت وفود القبائل معلنة إسلامهم.
والجملة معطوفة على جملة {فإِذَا رَكبوا فِي الفُلك دَعُوا الله} [العنكبوت: 65] باعتبار ما اشتملت عليه تلك الجملة من تقريعهم على كفران نعم الله تعالى، ولذلك عقبت هذه الجملة بقولة {وبنعمة الله يكفرون} والاستفهام استنكاري، وجعلت نعمة أمن بلدهم كالشيء المشاهد فأنكر عليهم عدم رؤيته، فقوله {أنا جعلنا حرماً آمناً} مفعول {يَرُوا} ومعنى هذه الآية يعلم مما تقدم عند الكلام على قوله تعالى: {وَقَالُوا إنْ نَتَّبِعْ الهُدَى معَكَ نُتخَطَّفْ من أرْضِنَا أوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حرَماً آمِناً} في سورة [القصص: 57].
والباطل: هو الشرك كما تقدم عند قوله تعالى {والذين آمنوا بالباطل} في هذه السورة العنكبوت [52].
و (نِعْمَةَ الله) المراد بها الجنس الذي منه إنجاؤهم من الغرق وما عداه من النِعم المحسوسة المعروفة، ومن النِعم الخفية التي لو تأملوا لأدركوا عظمها، ومنها نعمة الرسالة المحمدية. والمضارع في المواضع الثلاثة دال على تجدّد الفعل...