ولما كان قد فعل بهم سبحانه من الأمن الشديد المديد في البر دون سائر العرب عكس ما ذكر من حال خوفهم الشديد في البحر ، وكان قادراً على إخافتهم في البر كما قدر على إخافتهم في البحر ليدوم إخلاصهم ، وكان كفرهم عند الأمن بعد الإخلاص عند الخوف - مع أنه أعظم النقائص - هزلاً لا يفعله إلا من أمن مثل تلك المصيبة في البر ، توجه الإنكار في نحو أن يقال : ألم يروا أنا قادرون على إخافتهم وإهلاكهم في البر كما نحن قادرون على ذلك في البحر كما فعلنا بغيرهم ، فعطف عليه قوله : { أولم يروا } أي بعيون بصائرهم { أنا جعلنا } أي بعظمتنا لهم { حرماً } وقال تعالى : { آمناً } لأنه لا خوف على من دخله ، فلما أمن كل حالّ به كان كأنه هو نفس الأمن ، وهو حرم مكة المشرفة ، وأمنه موجب للتوحيد والإخلاص ، رغبة في دوامه ، وخوفاً من انصرامه ، كما كان الخوف في البحر موجباً للإخلاص خوفاً من دوامه ، ورغبة في انصرامه { و } الحال أنه { يتخطف } وبناه للمفعول لأن المقصود الفعل لا فاعل معين .
ولما كان التخطف غير خاص بناس دون آخرين ، بل كان جميع العرب يغزو بعضهم بعضاً ، ويغير بعضهم على بعض بالقتل والأسر والنهب وغير ذلك من أنواع الأذى ، قال : { الناس من حولهم } أي من حول من فيه من كل جهة تخطفَ الطيور مع قلة من بمكة وكثر من حولهم ، فالذي خرق العادة في فعل ذلك حتى صار على هذا السنن قادر على أن يعكس الحال فيجعل من بالحرم متخطفاً ومن حوله آمناً ، أو يجعل الكل في الخوف على منهاج واحد .
ولما تبين أنه لا وجه لشركهم ولا لكفرهم هذه النعمة الظاهرة المكشوفة ، تسبب الإنكار في قوله : { أفبالباطل } أي خاصة من الأوثان وغيرها { يؤمنون } والحال أنه لا يشك عاقل في بطلانه ، وجاء الحصر من حيث أن من كفر بالله تبعه الكفر بكل حق والتصديق بكل باطل { وبنعمة الله } التي أحدثها لهم من الإنجاء وغيره { يكفرون* } حيث جعلوا موضع شكرهم له على النجاه شركهم بعبادة غيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.