الآية 67 وقوله تعالى : { أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا } قد ذكرنا في غير موضع أن الاستفهام من الله يخرج مخرج الإلزام والإيجاب ، أو يخرّج مخرج الخبر لا على حقيقة الاستفهام لأنه عالم بذاته ، يعلم ما في باطنهم وظاهرهم وما يسرون وما يعلنون بما كان ، ويكون . لا يستفهم عباده ، ولكنه يخرّج على الخبر أو على الإلزام والإيجاب .
فالخبر كأنه( {[15864]} ) يقول : قد رأوا ، وعلموا أن الله جعل الحرم مأمنا لهم ، يأمنون فيه ، وكان الناس من حولهم يتخطفون ، ويخافون .
والإلزام والإيجاب أن يقول لهم : اعلموا أن الله جعل الحرم لكم مأمنا ، تأمنون فيه [ وكان ]( {[15865]} ) الناس من حولكم على خوف يسلبون ، ويسبون ، ويقتلون .
ثم يخرّج تذكيره إياهم هذا على وجهين :
أحدهما : أن الله قد جعل لكم الحرم مأمنا تأمنون فيه لتعظيمكم حرم الله وبيته ، والناس من حولكم على خوف ، وأنتم تشاركون من حولكم في الدين ، فكيف تخافون الاختطاف والاستلاب إذا دنتم بدينه ، واتبعتم رسوله ؟ فإذ أمّنكم بكونكم في حرم الله وتعظيمكم بيته ، ودفع عنكم الاستلاب والاختطاف( {[15866]} ) ، فكيف تخافون ذلك إذا دنتم بدينه ، واتبعتم أمره ؟ بل الأمن والسعة إذا دنتم بدينه ، فأتبعتم أمره ، أكثر ، وأحق . فكأنهم إنما تركوا إتباع دينه خوفا من الاختطاف( {[15867]} ) بقولهم( {[15868]} ) : { إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا } فقال لهم : { أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء } [ القصص : 57 ] .
[ والثاني : ]( {[15869]} ) : يذكر هذا لهم : أنه قد أمّنكم وصرف عنكم مع عبادتكم الأصنام وصرفكم الشكر إليها عنه كل مكروه وسوء بكونكم( {[15870]} ) في مجاورة بيته وحرمه . فإذا صرفتم العبادة إليه ، وشكرتم نعمه [ حق أن يؤمّنكم ، ويوسّع عليكم نعمه ]( {[15871]} ) ويدفع عنكم ما لم يدفع عمن حولكم ، وأنتم شركاؤهم في عبادة الأصنام واتخاذكم( {[15872]} ) إياها آلهة . على [ هذا ] ( {[15873]} ) يخرّج ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أفبالباطل يؤمنون } يحتمل قوله : { أفبالباطل يؤمنون } /409-أ/ أي بما أوحى إليكم إبليس من الباطل يؤمنون ، وهو ما أوحى إليهم أن هؤلاء شفعاؤكم( {[15874]} ) عند الله ، وعبادتكم إياهم( {[15875]} ) تقرّبكم إلى الله زلفى( {[15876]} ) كقوله : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الآية [ الأنعام : 121 ] . وقوله تعالى : { وبنعمة الله يكفرون } أي بما أوحى إليكم محمد من الله يكفرون ، أو أن يكون قوله : { أفبالباطل يؤمنون } أي بالشرك يؤمنون { وبنعمة الله يكفرون } أي بتوحيد الله يكفرون ، أو أن تكون النعمة ههنا ، هي القرآن ، أو ما ذكرنا ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.