اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً } وجه تعلقه بما قبله إن الإنسان يكون في البحر على أخوف{[41747]} ما يكون لا سيما إذا كان بيته في بلدٍ حصين فلما ذكر الله حال المشركين عند الخوف الشديد ورأوا أنفسهم في تلك الحالة راجعة إلى الله ذَكَّرَهُمْ حالهم عند الأمن العظيم وهي كونهم في مكة فإنها مدينتهم وبلدهم ، وفيها سُكْنَاهُمْ ، ومولدهم وهي حصين بحصن الله حيث من{[41748]} دخلها يمتنع من حصل فيها ، والحصول فيها يدفع الشرور عن النفوس يعني : إنكم في أخوف ما أنتم دعوتم الله وفي أتم ما حصلتم{[41749]} عليه كفرتم بالله ، وهذا متناقض ، لأن دعاءكم في ذلك الوقت على سبيل الإخلاص ما كان إلا لِقَطْعِكُم بأن النعمة من الله لا غير وهذه النعمة العظيمة التي حصلت{[41750]} ، وقد اعترفتم بأنها لا تكون إلا من الله فكيف تكفرون بها ، والأصنام التي قد ( قطعتم ){[41751]} في حال الخوف أن لا أمن منها لها كيف أَمِنْتُمْ بها في حال الأمن ؟ ثم قال : «أَفِبَالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ » ( قرأ العامة ){[41752]} يؤمنون ويكفرون بياء الغيبة ، والحسن ، والسلمي بتاء الخطاب فيهما{[41753]} ، والمعنى : أفبالأَصْنَام والشياطين يؤمنون وبنعمة الله محمد والإسلام يكفرون ؟ .


[41747]:في "ب" خوف بالإفراد.
[41748]:في "ب" حيث كل من دخل.
[41749]:في "ب" وفي أمن ما جعلتم عليه.
[41750]:في "ب" جعلت.
[41751]:تصحيح يقتضيه السياق فالسياق كان "قلتم".
[41752]:ساقط من "أ" وانظر: الإتحاف 346، والسبعة 502، ومعاني الفراء 2/319، والكشاف 3/212.
[41753]:انظر: مختصر ابن خالويه 115، وهذه قراءة شاذة غير متواترة.