الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا حَرَمًا ءَامِنٗا وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنۡ حَوۡلِهِمۡۚ أَفَبِٱلۡبَٰطِلِ يُؤۡمِنُونَ وَبِنِعۡمَةِ ٱللَّهِ يَكۡفُرُونَ} (67)

قوله تعالى : " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا " قال عبد الرحمن بن زيد : هي مكة وهم قريش أمنهم الله تعالى فيها " ويتخطف الناس من حولهم " قال الضحاك : يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا ، والخطف الأخذ بسرعة وقد مضى في " القصص " وغيرها فأذكرهم الله عز وجل هذه النعمة ليذعنوا له بالطاعة أي جعلت لهم حرما أمنا أمنوا فيه من السبي والغارة والقتل وخلصتهم في البر كما خلصتهم في البحر ، فصاروا يشركون في البر ولا يشركون في البحر ، فهذا تعجب من تناقض أحوالهم . " أفبالباطل يؤمنون " قال قتادة : أفبالشرك . وقال يحيى بن سلام : أفبإبليس . " وبنعمة الله يكفرون " قال ابن عباس : أفبعافية الله وقال ابن شجرة : أفبعطاء الله وإحسانه . وقال ابن سلام : أفبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى . وحكى النقاش : أفبإطعامهم من جوع وأمنهم من خوف يكفرون ، وهذا تعجب وإنكار خرج مخرج الاستفهام .