معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا} (69)

قوله تعالى : { أم أمنتم أن يعيدكم فيه } يعني في البحر ، { تارةً } مرة ، { أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح } ، قال ابن عباس : أي : عاصفاً وهي الريح الشديدة . وقال أبو عبيدة : هي الريح التي تقصف كل شيء ، أي تدقه وتحطمه . وقال القتيبي : هي التي تقصف الشجر ، أي تكسره . { فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً } ، ناصراً ولا ثائراً ، و تبيع بمعنى تابع ، أي تابعاً مطالباً بالثأر . وقيل : من يتبعنا بالإنكار . قرأ ابن كثير و أبو عمرو أن نخسف ، ونرسل ، ونعيدكم ، فنرسل ، فنغرقكم ، بالنون فيهن ، لقوله علينا . وقرأ الآخرون بالياء لقوله : إلا إياه ، وقرأ أبو جعفر و يعقوب { فيغرقكم } بالتاء يعني : الريح .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا} (69)

ثم ساق - سبحانه - مثالاً آخر للدلالة على شمول قدرته ، فقال - تعالى - : { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أخرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ الريح فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } .

و { أم } هنا يجوز أن تكون متصلة ؛ بمعنى : أى الأمرين حاصل . ويجوز أن تكون منقطعة بمعنى : بل .

والقاصف من الريح : هو الريح العاتية الشديدة التى تقصف وتحطم كل ما مرت به من أشجار وغيرها . يقال : فصف فلان الشئ ، إذا كسره .

والتبيع : فعيل بمعنى فاعل ، وهو المطالب غيره بحق سواء أكان هذا الحق دينا أم ثأرًا أم غيرهما ، مع مداومته على هذا الطلب .

والمعنى : بل أأمنتم - أيها الناس - { أن يعيدكم } الله - تعالى - { فيه } أى : فى البحر ، لسبب من الأسباب التى تحملكم على العودة إليه مرة أخرى { فيرسل عليكم } - سبحانه - وأنتم فى البحر { قَاصِفاً مِّنَ الريح } العاتية الشديدة التى تحطم سفنكم { فيغركم } بسبب كفركم وجحودكم لنعمه ، { أَمْثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } أى : إننا من السهل علينا أن نفعل معكم ذلك وأكثر منه ، ثم لا تجدوا لكم أحدًا ينصركم علينا ، أو يطالبنا بحق لكم علينا ، فنحن لا نسأل عما نفعل ، وأنتم المسئولون

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا} (69)

58

أم كيف يأمنون أن يردهم الله إلى البحر فيرسل عليهم ريحا قاصفة ، تقصف الصواري وتحطم السفين ، فيغرقهم بسبب كفرهم وإعراضهم ، فلا يجدون من يطالب بعدهم بتبعة إغراقهم ?

ألا إنها الغفلة أن يعرض الناس عن ربهم ويكفروا . ثم يأمنوا أخذه وكيده . وهم يتوجهون إليه وحده في الشدة ثم ينسونه بعد النجاة . كأنها آخر شدة يمكن أن ياخذهم بها الله !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا} (69)

يقول تعالى : { أَمْ أَمِنْتُمْ } أيها المعرضون عنا بعدما اعترفوا بتوحيدنا في البحر ، وخرجوا إلى البر{[17669]} { أَنْ يُعِيدَكُمْ } في البحر مرة ثانية { فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ } أي : يقصف الصواري ويغرق المراكب .

قال ابن عباس وغيره : القاصف : ريح البحار{[17670]} التي تكسر المراكب وتغرقها{[17671]} .

وقوله : { فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ }{[17672]} أي : بسبب كفركم وإعراضكم عن الله تعالى .

وقوله : { ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا } قال ابن عباس : نصيرًا .

وقال مجاهد : نصيرًا ثائرًا ، أي : يأخذ بثأركم بعدكم .

وقال قتادة : ولا نخاف أحدًا يتبعنا بشيء من ذلك .


[17669]:في ت: "إلى التراب".
[17670]:في ت: "البحارة".
[17671]:في ف: "يكسر المراكب ويغرقها".
[17672]:في ت: "فتغرقكم". وفي ف: "فيغرقكم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ أَمِنتُمۡ أَن يُعِيدَكُمۡ فِيهِ تَارَةً أُخۡرَىٰ فَيُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ قَاصِفٗا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغۡرِقَكُم بِمَا كَفَرۡتُمۡ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمۡ عَلَيۡنَا بِهِۦ تَبِيعٗا} (69)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىَ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مّنَ الرّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } .

يقول تعالى ذكره : أم أمنتم أيها القوم من ربكم ، وقد كفرتم به بعد إنعامه عليكم ، النعمة التي قد علمتم أن يعيدكم في البحر تارة أخرى : يقول : مرّة أخرى ، والهاء التي في قوله «فيه » من ذكر البحر . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة أنْ يُعيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرَى : أي في البحر مرّة أخرى فَيُرْسلَ عَلَيْكُمْ قاصِفا مِنَ الرّيحِ وهي التي تقصف ما مرّت به فتحطمه وتدقه ، من قولهم : قصف فلان ظهر فلان : إذا كسره فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرتُمْ يقول : فيغرقكم الله بهذه الريح القاصف بما كفرتم ، يقول : بكفركم به ثُمّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعا يقول : ثم لا تجدوا لكم علينا تابعا يتبعنا بما فعلنا بكم ، ولا ثائرا يثأرنا بإهلاكنا إياكم . وقيل : تبيعا في موضع التابع ، كما قيل : عليم فيموضع عالم . والعرب تقول لكل طالب بدم أو دين أو غيره : تبيع . ومنه قول الشاعر :

عَدَوْا وَعَدَتْ غِزْلانُهُمْ فَكأنّهَا *** ضَوَامنُ غُرْمٍ لَزّهُنّ تَبِيعُ

وبنحو الذي قلنا في القاصف والتبيع ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ بن داود ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِنَ الرّيحِ يقول : عاصفا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس : قاصفا التي تُغْرق .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : ثُمّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعا يقول نصيرا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال محمد : ثائرا ، وقال الحرث : نصيرا ثائرا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ثُمّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعا قال : ثائرا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ثُمّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعا أي لا نخاف أن نتبع بشيء من ذلك .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ثُمّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعا يقول : لا يتبعنا أحد بشيء من ذلك . والتارة : جمعه تارات وتير ، وأفعلت منه : أترت .