قوله تعالى : { أَمْ أَمِنْتُمْ } : يجوز أن تكون المتصلة ، أي : أيُّ الأمرين كائن ؟ ويجوز أن تكون المنقطعة ، و " أن يعيدكم " مفعول به .
قوله " تَارةً " بمعنى مرَّة ، وكرَّة ، فهي مصدرٌ ، ويجمع على تيرٍ وتاراتٍ ، قال الشاعر : [ الطويل ]
وإنْسَانُ عَيْنِي يَحْسِرُ المَاءُ تَارةً فَيَبْدُو ، وتَاراتٍ يَجُمُّ فيَغْرَقُ{[20566]}
وألفها تحتمل أن تكون عن واوٍ أو ياءٍ ، وقال الراغب : " وهو فيما قيل : [ مِنْ ] تار الجرحُ : التأمَ " .
قوله تعالى : " قَاصِفاً " القاصِفُ يحتمل أن يكون من " قَصَفَ " متعدِّياً ، يقال : قصفت الرِّيحُ الشجر تقصفها قصفاً ؛ قال أبو تمَّام : [ البسيط ]
إنَّ الرِّياحَ إذَا مَا أعْصفَتْ قَصفَتْ *** عَيْدانَ نَجْدٍ ولمْ يَعْبَأنَ بالرَّتمِ{[20567]}
فالمعنى : أنها لا تلفي شيئاً إلا قصفته ، وكسرته .
والثاني : أن يكون من " قَصِفَ " قاصراً ، أي : صار له قصيفٌ ، يقال : قَصِفتِ الرِّيحُ ، تقصفُ ، أي : صوَّتتْ ، و " مِنَ الرِّيحِ " نعتٌ .
قوله تعالى : { بِمَا كَفَرْتُمْ } يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى " الذي " والباء للسببية ، أي : بسبب كفركم ، أو بسبب الذي كفرتم به ، ثم اتُّسعَ فيه ، فحذفت الباءُ ، فوصل الفعل إلى الضمير ، وإنَّما احتيج إلى ذلك ؛ لاختلافِ المتعلق .
وقرأ أبو جعفرٍ ، ومجاهدٌ{[20568]} : " فتُغْرِقَكُم " بالتاء من فوق أسند الفعل لضمير الرِّيح ، وفي كتاب أبي حيَّان : " فتُغْرِقَكُمْ " بتاء الخطاب مسنداً إلى " الرِّيح " والحسن وأبو رجاء بياء الغيبة ، وفتح الغين ، وتشديد الراء ، عدَّاه بالتضعيف ، والمقرئ لأبي جعفر كذلك إلاَّ أنه بتاء الخطاب . قال شهاب الدين : هو إمَّا سهوٌ ، وإمَّا تصحيفٌ من النساخ عليه ؛ كيف يستقيم أن يقول بتاءِ الخطاب ، وهو مسندٌ إلى ضمير الرِّيحِ ، وكأنه أراد بتاء التأنيث ، فسبقه قلمه أو صحَّف عليه غيره .
وقرأ العامة " الرِّيحِ " بالإفراد ، وأبو جعفرٍ{[20569]} : " الرِّياح " بالجمع .
قوله : " به تَبِيعاً " يجوز في " بِهِ " أن يتعلَّق ب " تَجِدُوا " وأن يتعلق ب " تَبِيعاً " ، وأن يتعلق بمحذوفٍ ؛ لأنه حالٌ من " تبيعًا " والتَّبِيعُ : المطالب بحقِّ الملازمُ ، قال الشَّماخ : [ الوافر ]
. . . . . . . . . . . . . . . . كمَا لاذَ *** الغَريمُ مِنَ التَّبيعِ{[20570]}
غَدَوْا وغَدتْ غِزلانُهمْ فَكأنَّهَا *** ضَوَامِنُ مِنْ غُرْمٍ لهُنَّ تَبِيعُ{[20571]}
ومعنى الآية { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ } ، يعني في البحر { تَارَةً أخرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً } .
قال ابن عباس - رضي الله عنه- : أي عاصفاً ، وهي الرِّيح الشديدة{[20572]} وقال أبو عبيدة : هي الرِّيح التي تقصف كلَّ شيءٍ ، أي : تدقٌّه وتحطمه { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } ناصراً ولا ثائراً ، وتبيع بمعنى تابعٍ ، أن تابعاً مطالباً بالثَّأر .
وقال الزجاج - رضي الله عنه - : من يتبعنا بإنكارِ ما نزل بكم ، ولا من يتتبّعنا بأن نصرفه عنكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.