معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

قوله تعالى : { الذين كانت أعينهم في غطاء } أي : غشاء ، والغطاء : ما يغطى به الشيء ويستره ، { عن ذكري } يعني : عن الإيمان والقرآن ، وعن الهدى والبيان ، وقيل : عن رؤية الدلائل . { وكانوا لا يستطيعون سمعاً } أي : سمع القبول والإيمان ، لغلبة الشقاوة عليهم . وقيل : لا يعقلون وقيل : كانوا لا يستطيعون ، أي : لا يقدرون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتلوه عليهم لشدة عداوتهم له ، كقول الرجل : لا أستطيع أن أسمع من فلان شيئاً ، لعداوته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

ثم بين - سبحانه - ما أعده للكافرين من عذاب يوم القيامة فقال : { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً الذين كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً } وقوله : { وعرضنا } . . أى : أظهرنا وأبرزنا يقال : عرض القائد جنده إذا أظهرهم ليشاهدهم الناس .

أى : جمعنا الخلائق يوم البعث والنشور جمعا تاما كاملا . وأبرزنا وأظهرنا جهنم فى هذا اليوم للكافرين إبرازا هائلا فظيعا ، حيث يرونها ويشاهدونها بدون لبس أو خفاء ، فيصيبهم ما يصيبهم من رعب وفزع عند مشاهدتها .

وتخصيص العرب بهم ، مع أن غيرهم - أيضا - يراها ، لأنها ما عرضت إلا من أجلهم ، ومن أجل أمثالهم ممن فسقوا عن أمر ربهم .

ويرى بعضهم أن اللام فى { للكافرين } بمعنى على ، لأن العرض يتعدى بها ، قال - تعالى - : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار . . } وقال - سبحانه - : { النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً . . . } ثم وصفهم - سبحانه - بما يدل على استحقاقهم دخول النار فقال : { الذين كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي } .

أى : أبرز جهنم فى هذا اليوم العصيب للكافرين الذين كانت أعينهم فى الدنيا فى { غطاء } كثيف وغشاوة غليظة ، { عن ذكرى } أى : عن الانتفاع بالآيات التى تذكرهم بالحق ، وتهديهم إلى الرشاد ، بسبب استحواذ الشيطان عليهم .

وفى التعبير بقوله : { غطاء } إشعار بأن الحائل والساتر الذى حجب أعينهم عن الإِبصار ، كان حائلا شديدا ، إذ الغطاء هو ما يغطى الشئ ويستره من جميع جوانبه .

والمراد بالذكر : القرآن الكريم ، أو ما يشمله ويشمل كل ما فى الكون من آيات يؤدى التفكر فيها إلى الإِيمان بالله - تعالى - .

وقوله : { وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً } صفة أخرى من صفاتهم الذميمة ، أى : وكانوا فى الدنيا - أيضا - لا يستطيعون سمعا للحق أو الهدى ، بسبب إصرارهم على الباطل ، وإيغالهم فى الضلال والعناد ، بخلاف الأصم فإنه قد يستطيع السماع إذا صيح به .

قال الآلوسى : فالجملة الكريمة نفى لسماعهم على أتم وجه ، ولذا عدل عن : وكانوا صما مع أنه أخصر ، لأن المراد أنهم مع ذلك كفاقدى السمع بالكلية وهو مبالغة فى تصوير إعراضهم عن سماع ما يرشدهم إلى ما ينفعهم بعد تصوير تعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

83

ثم إذا الكافرون الذين أعرضوا عن ذكر الله حتى لكأن على عيونهم غطاء ، ولكأن في أسماعهم صمما . . إذا بهؤلاء تعرض عليهم جهنم فلا يعرضون عنها كما يعرضون عن ذكر الله . فما يستطيعون اليوم إعراضا . لقد نزع الغطاء عن عيونهم نزعا فرأوا عاقبة الإعراض والعمى جزاء وفاقا !

والتعبير ينسق بين الإعراض والعرض متقابلين في المشهد ، متقابلين في الحركة على طريقة التناسق الفني في القرآن .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

ثم قال مخبرًا عنهم : { الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي } أي : تعاموا وتغافلوا وتصاموا{[18552]} عن قبول الهدى واتباع الحق ، كما قال تعالى : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [ الزخرف : 36 ] وقال هاهنا : { وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } أي : لا يعقلون عن الله أمره ونهيه .


[18552]:في أ: "تصامموا".