محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

وقوله تعالى :

( 101 ) { الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ( 101 ) } .

{ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاء عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } ، تمثيل لتعاميهم عن الآيات الدالة على توحيده ، أو عن القرآن وتأمل معانيه وتبصرها . ولتصامهم عن الحق واتباع الهدى . وقوله تعالى : { وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } أبلغ من ( وكانوا صما ) لأن الأصم يستطيع السمع إذا صيح به . وهؤلاء كأنهم أصميت أسماعهم فلا استطاعة بهم للسمع . أفاده الزمخشري . وفي توصيفهم بالجملتين نكتة أخرى ، بها تعلم أنه لا يستغنى بالثانية عن الأولى ، كما زعم ، وذلك – كما حققه الشهاب – إن قوله تعالى : { يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا } لما أفاد أنهم كفاقدي حاسة السمع ، ومن هو كذلك إنما يعرف الذكر بإشارة أو كتابة أو نحوهما . مما يدرك بالنظر ، وذكر أن أعينهم محجوبة عن النظر فيما يدل عليه أيضا . فهم لا سبيل بهم إلى معرفة ذكره أصلا . وهذا من البلاغة بمكان .

قال أبو السعود : والموصول يعني ( الذين ) نعت للكافرين ، أو بدل أو بيان جيء به لذمهم بما في حيز الصلة ، وللإشعار بعليته لإصابة ما أصابهم من عرض جهنم لهم . فإن ذلك إنما هو لعدم استعمال مشاعرهم فيما عرض لهم في الدنيا من الآيات ، وإعراضهم عنها ، مع كونها أسبابا منجية عما ابتلوا به في الآخرة .