إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

{ الذين كَانَتْ أعينهم } وهم في الدنيا { في غِطَاء } كثيف وغشاوةٍ غليظة مُحاطةٍ من جميع الجوانب { عَن ذِكْرِى } عن الآيات المؤديةِ لأولي الأبصار المتدبرين فيها إلى ذكري بالتوحيد والتمجيدِ ، أو كانت أعينُ بصائِرهم في غطاء عن ذكري على وجه يليق بشأني أو عن القرآن الكريم { وَكَانُواْ } مع ذلك { لاَ يَسْتَطِيعُونَ } لفَرْط تصامِّهم عن الحق وكمالِ عداوتهم للرسول عليه الصلاة والسلام { سَمْعاً } استماعاً لذكري وكلامي الحقِّ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه ، وهذا تمثيلٌ لإعراضهم عن الأدلة السمعيةِ كما أن الأولَ تصويرٌ لتعاميهم عن الآيات المشاهَدةِ بالأبصار ، والموصولُ نعتٌ للكافرين أو بدلٌ منه أو بيانٌ جيء به لذمهم بما في حيز الصلةِ وللإشعار بعلّيته لإصابة ما أصابهم من عرض جهنمَ لهم ، فإن ذلك إنما هو لعدم استعمالِ مشاعرِهم فيما عَرَض لهم في الدنيا من الآيات وإعراضِهم عنها مع كونها أسباباً منجِّيةً عما ابتُلوا به في الآخرة .