فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ كَانَتۡ أَعۡيُنُهُمۡ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكۡرِي وَكَانُواْ لَا يَسۡتَطِيعُونَ سَمۡعًا} (101)

{ الذين كانت أعينهم } في الدنيا أي أعين قلوبهم أي بصائرهم { في غطاء } أي غشاء وستر وهو ما غطى الشيء وستره من جميع الجوانب { عن } سبب { ذكري } وهي الآيات التي يشاهدها من له تفكر واعتبار فيذكر الله بالتوحيد والتمجيد فأطلق المسبب على السبب أو عن القرآن العظيم وتأمل معانيه وتدبر فوائده فهم عمي لا يهتدون به .

ثم لما وصفهم سبحانه بالعمى عن الدلائل التكوينية أو التنزيلية أو مجموعهما أراد أن يصفهم بالصم عن استماع الحق فقال : { وكانوا لا يستطيعون } أي لا يعقلون { سمعا } قاله مجاهد ، وقيل : لا يقدرون على الاستماع لما فيه الحق من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لغلبة الشقاوة عليهم ولشدة عداواتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذا أبلغ مما لو قال : وكانوا صما لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء لا استطاعة لهم بالكلية ، وفي ذكر غطاء الأعين وعدم استطاعة السماع تمثيل لتعاميهم عن المشاهدة بالأبصار وإعراضهم عن الأدلة السمعية .