معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ثم أخبر - سبحانه - عن واقعهم وعن حالتهم المستقبلة فقال : { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ والله عَلِيمٌ بالظالمين } .

أى : أن هؤلاء اليهود لا يتمنى أحدهم الموت أبدا . بسبب ما قدمته أيديهم من آثام ، والله - تعالى - لا تخفى عليه خافية من سيئاتهم واعتداءاتهم وظلمهم بل هو - سبحانه - يسجل ذلك عليهم ، ويجازيهم بما يستحقونه من عقاب .

فالآية الكريمة خبر من الله - تعالى - عن اليهود بأنهم يكرهون الموت ، ولا يتمنونه ، ولا يستطيعون قبول ما تحداهم به - صلى الله عليه وسلم - من طلبهم تمنى الموت ، لعلمهم بأنهم لو أجابوه إلى طلبه ، لحل بهم الموت الذى يكرهونه .

وقد صح من عدة طرق عن ابن عباس أنه قال : لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه . . .

وقال ابن جرير : وبلغنا أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ، ولرأوا مقاعدهم من النار . . " .

وقال ابن كثير : وروى الإمام أحمد عن ابن عباس قال : " قال أبو جهل - لعنه الله - : إن رأيتُ محمدا عند الكعبة ، لآتينه حتى أطأ عنقه . قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار . ولو خرج الذين يباهلون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " " .

وقال صاحب الكشاف ما ملخصه : وقوله : { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً } أى : بسبب ما قدموا من الكفر ، وقد قال لهم - صلى الله عليه وسلم - : " والذى نفسى بيده لا يقولها أحد منكم إلا غص بريقه " فلولا أنهم كانوا موقنين بصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتمنوا ، ولكنهم علموا أنهم لم تمنوا لماتوا من ساعتهم ولحقهم الوعيد فما تمالك أحد منهم أن يتمنى ، وهى إحدى المعجزات - لأنها إخبار بالغيب وكانت كما أخبر - .

فإن قلت : ما أدراك أنهم لم يتمنوا الموت ؟ قلت : لو تمنوا لنقل ذلك عنهم ، كما نقلت سائر الحوادث ، ولكان ناقلوه من أهل الكتاب وغيرهم من أولى المطاعن فى الإسلام ، أكثر من الذر ، وليس أحد منهم نقل عنه ذلك .

هذا ، ويكفى فى تحقيق هذه المعجزة ، ألا يصدر تمنى الموت عن اليهود الذين تحداهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، وهم الذين كانوا يضعون العراقيل فى طريق دعوته . . ولا يقدح فى هذه المعجزة ، أن ينطق يهودى بعد العهد النبوى بتمنى الموت ، وهو حريص على الحياة ، لأن المعنيين بالتحدى هم اليهود المعاصرون للعهد النبوى .

والمقصود بقوله - تعالى - : { والله عَلِيمٌ بالظالمين } التهديد والوعيد .

أى : والله - تعالى - عليم علما تاما بأحوال هؤلاء الظالمين ، وسيعاقبهم العقاب الذىيتناسب مع ظلمهم وبغيهم . فالمراد من العلم لازمه ، وهو الجزاء والحساب . . .

وعبر - سبحانه - هنا بقوله : { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ . . } وفى سورة البقرة بقوله : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ . . . } للإشعار بأنهم يكرهون الموت فى الحال وفى المستقبل كراهة شديدة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ثم عقب على هذا التحدي بما يفيد أنهم غير صادقين فيما يدعون ، وأنهم يعرفون أنهم لم يقدموا بين أيديهم ما يطمئنون إليه ، وما يرجون الثواب والقربى عليه ، إنما قدموا المعصية التي تخيفهم من الموت وما وراءه . والذي لم يقدم الزاد يجفل من ارتياد الطريق :

( ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ يَتَمَنّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدّمَتْ أَيْديهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وَلا يَتَمَنّوْنَهُ أبَدا يقول : ولا يتمنى اليهود الموت أبدا بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ يعني : بما اكتسبوا في هذه الدنيا من الاَثام ، واجترحوا من السيئات وَاللّهُ عَلِيمٌ بالظّالِمِينَ يقول : والله ذو علم بمن ظلم من خلقه نفسه ، فأوبقها بكفره بالله .