اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

قوله : { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ } ، وقال في البقرة : { وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ }[ البقرة : 95 ] .

قال الزمخشري{[56586]} : لا فرق بين «لا » و «لن » في أنَّ كل واحد منهما نفي للمستقبل إلا أن في «لن » تأكيداً وتشديداً ليس في «لا » فأتي مرة بلفظ التأكيد «ولن يتمنوه » ومرة بغير لفظه «ولا يتمنونه » .

قال أبو حيان{[56587]} : «وهذا رجوع عن مذهبه وهو أن " لن " تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة وهو أنها لا تقتضيه » .

قال شهاب الدين{[56588]} : وليس فيه رجوع ، غاية ما فيه أنه سكت عنه ، وتشريكه بين «لا » و «لن » في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص «لن » بمعنى آخر .

وتقدم الكلام على هذا مشبعاً في «البقرة » .

فصل

المعنى : «ولا يتمنونه أبداً بما قدمت أيديهم » أي : أسلفوه من تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فلو تمنوه لماتوا ، فكان ذلك بطلان قولهم وما ادعوه من الولاية{[56589]} .

قال عليه الصلاة والسلام لما نزلت هذه الآية : " والذي نفسي بيده لو تمنوا الموت ما بقي على ظهرها يهودي إلا مات " {[56590]} .

وفي هذا إخبار عن الغيب ومعجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وقد مضى الكلام على هذه الآية في «البقرة » عند قوله : { فَتَمَنَّوُاْ الموت } [ البقرة : 94 ] .


[56586]:الكشاف 4/531.
[56587]:البحر المحيط 8/264.
[56588]:الدر المصون 6/317.
[56589]:ينظر: القرطبي 18/63.
[56590]:تقدم.