السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا يَتَمَنَّوۡنَهُۥٓ أَبَدَۢا بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّـٰلِمِينَ} (7)

ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم لا يتمنونه في المستقبل أيضاً بقوله تعالى : { ولا يتمنونه } أي : في المستقبل { أبداً بما قدمت أيديهم } أي : بسبب ما قدموا من الكفر والمعاصي التي أحاطت به فلم تدع لهم حظاً في الآخرة .

تنبيه : قال تعالى هنا : { ولا يتمنونه } وفي البقرة { ولن يتمنوه } [ البقرة : 95 ] قال الزمخشري : لا فرق بين لا ولن في أن كل واحدة منهما نفي للمستقبل ، إلا أن في لن تأكيداً وتشديداً ليس في لا فأتى مرة بلفظ التأكيد { ولن يتمنوه } ومرة بغير لفظه { ولا يتمنونه } قال أبو حيان : وهذا رجوع منه عن مذهبه وهو أن لن تقتضي النفي على التأبيد إلى مذهب الجماعة ، وهي أنها لا تقتضيه . قال بعضهم : وليس فيه رجوع ، غاية ما فيه أنه سكت عنه ، وتشريكه بين لا و لن في نفي المستقبل لا ينفي اختصاص لن بمعنى آخر ا . ه . ودعواهم الولاية إلى التوسل إلى الجنة لا يلزم منها الاختصاص بالنعم بدليل أن الدنيا ليست خالصة للأولياء المحقق لهم الولاية بل البر والفاجر مشتركون فيها . { والله } أي : الذي له الإحاطة بكل شيء قدرة وعلماً { عليم } بالغ العلم محيط بهم هكذا كان الأصل ولكنه تعالى قال : { بالظالمين } تعميماً وتعليقاً بالوصف لا بالذات ، فالمعنى أنه عالم بأصحاب هذا الوصف الراسخين فيه منهم ومن غيرهم ، فهو مجازيهم على ظلمهم .